سعر البرميل املطلوب

يقدر صندوق النقد الـدولـي سعر الـتـوازن لبرميل النفط في امليزانية الـسـعـوديـة بـــ 79.7 دوالر، وهـــو أعــلــى بكثير مــن نـظـيـره الـكـويـتـي أو اإلمـــاراتـــي، فيما يــبــدو أن أســعــار الـنـفـط تسير خــطــوة وتــرجــع خطوة أخــرى، وأن الوصول إلـى هـذا الرقم في سعر البرميل أمـر صعب املنال خالل الحقبة القادمة، وبالتالي البد من تدابير عملية وناجعة في هذا الشأن. وألن التوقعات تشير إلى أن أسعار النفط سوف تستقر حول 60 - 55 دوالرًا عـلـى املـــدى املـتـوسـط، فـهـذا يعني انـكـشـاف املـيـزانـيـة بــواقــع 30 دوالرًا لكل برميل، فهل سوف ننتظر حتى ترتفع األسعار مرة أخرى كما كنا نفعل في السابق، أو العمل على تخفيض اإلنفاق من أقرب البنود وفــق مـا هـو متاح وليس مـا هـو أهــم وأولـــى، ومــا هـي السياسة املالية واالقتصادية حول هذه املسألة بعد أن فشلت السياسات االقتصادية في خلق أي موارد بديلة على مدى نصف قرن، وما أكثر الجعجعة في هذا الجانب على مدى عقود أضعنا خاللها فرصا هائلة لبناء موارد كانت متاحة، إال أن لغة األرقام عندما تتحدث كان يسكت الجميع، وهذه هي إشكالية هـذه الجهات التي ظلت تستشهد بكل شـيء إلقناعنا بصحة ونجاعة هـذه التدابير إال هـذه اللغة التي كانت تعتبرها لغة خرساء فـي خطابها االجـتـمـاعـي، ومــا يـجـدر ذكــره هنا أن أسـعـار النفط ظلت تدور حول معدالت متدنية طوال نصف قرن ولم ترتفع عن خط الـ 60 دوالرًا إال قبل بضع سنوات وتحديدا بعد عام ،2007 فما الـذي جرى لنضبط موازنتنا على مقاس الـــ09 دوالرًا خصوصًا أنها في الغالب تدور حول مصروفات جارية ورواتب كما يصرح رجال الدولة في قطاع املال واالقتصاد صباح مساء! سعر التوازن املرتفع في البرميل ال يدل على ارتفاع اإلنفاق على وجه العموم، وإن كـان هـذا حاصل في بنود معينة فقط، فهناك دول تنفق أكثر منا لكنها تخلق موارد مستدامة أكثر وهذا هو الطريق الحقيقي إلى الرخاء وتحقيق الرفاه االجتماعي، فهي تنفق على متوسط الرواتب والخدمات العامة ودورة املشاريع الرأسمالية أكثر منا، لكن تنوع املوارد املستدامة وحجم الناتج املحلي يغطي مكونات هذه املوازنات. اليوم ننتج كمية كبيرة من النفط تشكل ثلث إنتاج «أوبك» ونصدر أكبر كمية من هذه السلعة في العالم أجمع، فما الذي يجعل من الـ55 دوالرًا غير كافية، هـل هـي زيــادة فـي اإلنـفـاق على وجــه العموم أم فـي بعض البنود، أم ذلك ضعف هيكلي في املوارد وما هو الهامش الذي نحتاج لـــردم الـفـجـوة وفــي كــم سـنـة نحقق ذلـــك؟ مــن الـــذي يــحــدد هــذه األرقام والنسب والـتـواريـخ وغيرها؟ ألـم أقـل لكم أن تطوير بناء وأســس هذه امليزانية وطرحها كورقة عمل وطنية وزيــادة الشفافية حولها، سوف يساهم في طرح حوار اقتصادي بناء يساعد على إسناد وتعضيد رؤية اململكة وفهم أبعادها وغاياتها.