Okaz

«اإلسالموية».. من أسس البالء..؟!

- د. صدقة يحيى فاضل sfadil50@hotmail.COM للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 االتصاالت أو 636250 موبايلي أو 738303 زين تبدأ بالرمز 121 مسافة ثم الرسالة

«إســالمــو­ي»... مصطلح مستجد فـي أدبـيـات الصحافة العربية واإلسالمية الراهنة، يستخدم لتمييز شيء بلفظ يجعله صنفا مستقال ومختلفا عن األصـل. ويبدو أنه استحدث للتفريق بي «املسلمي املعتدلي» أهل السنة والجماعة، املتبعي للتطبيق الصحيح لتعاليم اإلسالم الحنيف، وأولئك املتطرفي املخالفي لهم... واملتشددين، لدرجة اعتبار املخالف لهم في الرأي خارجا عن امللة اإلسالمية، وكافرا يحل قتاله وهدر دمه. وبحيث يشار إلـى أتباع اإلســالم الوسطي الصحيح، ومـا يتعلق به من أفكار وسلوك، بـ «اإلسالمي»، ويشار إلى متبعي التطرف وتكفير اآلخرين، وإرهابهم، وما يتعلق بهم من فكر وسلوكيات، بـ «اإلسالمويي»...؟! ويقال إن هذا املصطلح استحدث في حوالى العام ،2001 على يد مفكر عربي، هو خليل عبدالكريم. وهذه اللفظة عرفت بأنها مكونة من شقي: إسالمى زائدا دمــــوي... ليصبح «إســالمــو­ي» كـنـايـة عــن مـيـل اإلســالمـ­ـوي لـلـجـوء إلــى العنف، وسفك دماء من يخالفه، ويقف في وجه سعيه لفرض أيديولوجيت­ه على آخرين رافضي لها. وإن أخذ باملعنى املذكور لهذا املصطلح، فإنه يمكن إطـالق صفة «اإلســالمـ­ـوي» على األشــخــا­ص واألفــكــ­ار والتيارات والجماعات والتنظيمات املعتنقة لهذا الفكر، الــذي أفتى معظم علماء األمــة بخروجه على الوسطية اإلسالمية. والبعض من العلماء قال بضالله، ووصفه بـ «خــوارج العصر». وبهذا املــعــنـ­ـى، فـــإن املـــــرا­د بــهــذا املـصـطـلـ­ح غــالــبــ­ا ما يكون االزدراء و«االنتقاص» من أصحابه. ويمكن، في الواقع، استعمال الوزني اللغويي «فعلوي» و«فعلوية» لنعت أي تيار بالتطرف والغلو... سواء كان إسالميا، أو غير إسالمي... كأن نقول «القوموية» عن متطرفي قومية معينة... وهكذا. وال شك أن هذا النعت يعتبر قدحا... ويهدف إلى ذم التطرف، والعنف، وتكفير اآلخرين. **** ولكن، يبدو – والله أعلم – أن مصطلح «إسالموي» يمكن أن يستخدم بمعنى مــحــايــ­د... عندما يطلق على الشخص الــذى يهتم بالفكر اإلســالمـ­ـي وتياراته املختلفة، وإن كــان غير مسلم. فـهـو، فــي هــذه الـحـالـة، مـجـرد ( .)Islamist وقد يستعمل إيجابا، إن أريد به وصف الشخص الحريص على تطبيق اإلسالم في كـل أمــوره. وذلــك، دون شـك، وصـف إيجابي محمود، مـن وجهة نظر املسلمي، على األقل. وفى الواقع، فإن هذا املصطلح لم يوجد في التراث اإلسالمي. فليس هناك غالبا ســوى مسلم، وغـيـر مسلم. وال يــرى البعض بـأسـا فـي اسـتـخـدام هــذا املصطلح (من قبيل التوافق املصطلحي، أو ما يسمى بالتعريف اإلجرائي) لإلشارة إلى املسلم املتطرف، الخارج عن الوسطية، امليال الستخدام العنف ضد مخالفيه. فما يطرحه هؤالء من أفكار ويقومون به من سلوكيات، ال يمت للدين اإلسالمي الصحيح بصلة، بل هو ايديولوجية... تتدثر بالدين، ولكنها منحرفة عن أهم ثوابته ومبادئه.

**** أقول، والحالة هذه، الغالب أن هذا املصطلح قد يستخدم إلسباغ صفة إيجابية عـلـى املــوصــو­ف، ويـمـكـن أن يـسـتـخـدم إلســبــاغ صـفـة سلبية مـرفـوضـة عـلـى من يـوصـف بــه. وأغــلــب اسـتـخـدام­ـاتـه الـحـالـيـ­ة مـكـرسـة إلســبــاغ صـفـة سلبية. لذلك، أستخدمه هنا بحذر شديد، وتحفظ. فال يجب استعمال مصطلح «إسالموي» سلبا – في رأي – إال إذا توفرت في املوصوف صفات، أهمها التالي: وتكفيرهم. الخروج على الوسطية الصحيحة، والتطرف والغلو املؤكد. وقتالهم. عدم احترام أهل السنة والجماعة، - اعتبار املخالفي في الرأي كفرة، يحل دمهم - االستخدام الفعلي للعنف ضد املخالفي لهم في الرأي. واألكثر تطرفا في هؤالء يعرفون بهذه الصفات، وبصفات إضافية أخرى أكثر تحجرا وغلوا وتعسفا.

**** إن أسوأ ما تفعله التيارات اإلسالموية، الناجمة عــن الــتــراك­ــمــات الـسـلـبـي­ـة املــدســو­ســة عـلـى الدين، هـو تشويه ديننا الحنيف أمــام املسلمي، وأمام غيرهم. وليس ذلك وحسب، بل إن لهذه التيارات نـتـائـج بـالـغـة الـسـلـبـي­ـة عـلـى كــل املـسـلـمـ­ي، بالدا وعبادا. انظر (على سبيل املثال ال الحصر) كيف يــدعــي الــبــعــ­ض أن لــه «حــقــوقــ­ا» ال جــــدال عليها (ألنــهــا مــقــدســ­ة) عـلـى آخــريــن، وعــلــى حياتهم.... مستندا لحديث غير صحيح، أو حتى مشكوك في صحته، أو حتى إلــى تقليد تـراثـي بــال. وانـظـر إلــى مـا يوجد اآلن على الساحة اإلسالمية من هذه الفرق.... التي يدعي كل منها أنه يمثل اإلسالم «الصحيح».... ثم سرعان ما تفضح أفعاله ادعاءه الكاذب. انظر إلى ما أدت إليه هذه الحركات، وأسـهـمـت فــي وجـــوده مــن مـذهـبـيـا­ت ضـالـة ومـقـيـتـة، ومــا أفــرزتــه مــن جماعات وتنظيمات إرهابية.... تحترف إرهاب كل من يخالفها، وال تتردد – إن تمكنت - في إزهاق األرواح البريئة، وجز الرؤوس... وسبي النساء... ومصادرة املمتلكات، باسم الدين؟! هذا، إضافة إلى ما تسببه هذه الفرق من هدر لألرواح واملمتلكات، وإعاقة التنمية الشاملة، وشد البالد املبتالة بها للوراء، ورميها في أتون التخلف واالضطراب والــفــوض­ــى، وتــحــويـ­ـل حـيـاتـهـا إلـــى جـحـيـم أرضـــــي... يــســود فـيـه الـفـقـر والجهل واملرض، ويخيم عليه الظالم... كل ذلك يجعل «اإلسالموية» – بمعناها السلبي – من أسس البالء الذي يعم اآلن جزء ا كبيرا من عاملنا العربي واإلسالمي.

 ??  ??
 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia