Okaz

الفساد بأنواعه في الدول النامية

- د. عبداهلل صادق دحالن abdullahda­hlan@yahoo.com

الفساد أصبح سمة من سمات اإلدارة والــــتــ­ــعــــامـ­ـــل فـــــي مـــجـــتـ­ــمـــعـــ­ات الـــــــد­ول الــنــامـ­ـيــة ويـعـتـقـد الــبــعــ­ض أن الفساد يـقـصـد بــه الــفــســ­اد املــالــي فــقــط وهـــو تــعــريــ­ف قاصر، فالفساد أنـواع متعددة منها الفساد املالي وله أوجه متعددة منها عـمـوالت ترسية املشاريع أو تسليمها أو إتاوات إنجاز املعامالت وتجاوز األنظمة واللوائح وهـــذا الــنــوع هــو األكــثــر بـــروزا وظــهــورا وأثـــرا سلبيا على املجتمعات واالقــتــ­صــادات، ولـكـن أنـــواع الفساد األخـــرى أيــضــا عــديــدة منها الــوســاط­ــة واملــحــا­بــاة في االختيار عند التعيي في بعض الوظائف يـؤدي في النهاية إلــى وضــع الـرجـل غير املناسب فـي املناصب القيادية، ويعتمد في االختيار على اعتبارات تكون أحــيــانـ­ـا شخصية أو انــتــمــ­اءات عـائـلـيـة أو قبلية أو جغرافية أو ارتــبــاط مصالح شخصية، ويعتبر هذا الــنــوع مــن الــفــســ­اد شـائـعـًا فــي الــــدول الـنـامـيـ­ة والتي منها دول الخليج والدول العربية وهو يسبب أضرارًا جسيمة في الهيكل اإلداري في الـدولـة، وهناك فساد في بعض الشركات البنكية يتمثل في سيطرة بعض أصـــحـــا­ب املــلــكـ­ـيــة بــالــحــ­صــص فـــي تــعــيــي القيادات البنكية أو التأثير فـي التعيي فـي مجالس اإلدارة، ومـمـارسـة الضغوط أحيانا لتمويل مشاريع معينة دون غيرها، والفساد يكون أحيانا في اتخاذ القرارات غـيـر املــدروسـ­ـة أو املستعجلة والــتــي تـكـون نتائجها سلبية على بعض املشاريع أو الخدمات ويكون أثرها السلبي ماليا وبيئيا مباشرا وغير مباشر مثل بناء بعض املشاريع في مواقع لها آثـار سيئة على البيئة أو على املجتمعات املحيطة مثل بناء محطات التحلية أو مــصــانــ­ع األســمــن­ــت أو مــصــافــ­ي تــكــريــ­ر البترول أو مـحـطـات تنقية املــيــاه أو مـحـطـات تـولـيـد الطاقة الكهربائية، وفي الغالب يكون أثر العوادم البخارية على بيئة وصحة املجتمع املحيط. ومن أنواع الفساد التصرف بامللكية العامة بالبيع أو اإليجار بأسعار تعتبر خـــســـار­ة عــلــى اقتصاد الـــوطـــ­ن مــثــل قـــــرار بيع أحد املصافي البترولية فـــــي املـــمـــ­لـــكـــة بـــســـعـ­ــر ال يــــمــــ­كــــن قـــــبـــ­ــولـــــه حتى لــــو كـــــان األفــــضـ­ـــل أمام الــــعـــ­ـروض املـــقـــ­دمـــة، ثم إعادة بيع ثلث املصفاة من املشتري الجديد لشركات عاملية بعشرة أضعاف ســعــر الــبــيــ­ع بــالــكــ­امــل، ورغــــم تــنــاول بــعــض املحللي االقـــتــ­ـصـــاديــ­ـي هــــذه الــصــفــ­قــة بــالــتــ­حــلــيــل واالنتقاد منطلقا مـن حرصهم على املــال الـعـام إال أنــه لـم يتنب ممثل رسمي اإلجابة عن هذه االنتقادات. ومن أنواع الفساد في االستثمار تأجير بعض األراضي الـحـكـومـ­يـة إلحــــدى الــشــركـ­ـات بــغــرض اســتــثــ­مــار تلك األراضـي واستخراج بعض املعادن منها وتصنيعها وذلك بسعر إيجار زهيد لفترة امتياز سنوات طويلة قام بعدها املستثمر بإعادة تأجير االمتياز لشركات عاملية بـآالف املاليي الستثمارها واستخراج الذهب منها وتصنيعه وتصديره، وأخيرا يتم اكتشافه من املتابعي واملحللي االقتصاديي وترفض وكالة هذه الجهات الحكومية هذا الفساد معترضة على اإلجراء، ولـكـن يظل الــســؤال أيــن ذهـبـت أمـــوال الصفقات ومن املسؤول؟. أمـــا فــســاد الــشــركـ­ـات املـسـاهـم­ـة فـقـد تـابـعـتـه وراقبته أنــظــمــ­ة الــحــوكـ­ـمــة بعد أن كان الفساد واضحا وجــــــلـ­ـــــيــــ­ــا فـــــــــ­ي بعض الـــــشــ­ـــركـــــ­ات املساهمة وعلى وجه الخصوص فـي طريقة تقييم سعر األســــــ­ــهـــــــ­ـم املــــــط­ــــــروحـ­ـــــة وقيمة عـالوة اإلصدار، وإخــفــاء بـعـض مــن املـعـلـوم­ـات املـهـمـة لحملة األسهم والــتــال­عــب بــســوق األســهــم بــالــشــ­راء أو الـبـيـع مــن قبل بعض املؤسسي أو املضاربي بطريقة غير مباشرة أو بدعم معلوماتي من بعض أعضاء مجالس اإلدارات، ولو جاز لي االقتراح لطلبت إعادة فتح ملفات بعض الشركات التي أسسها أصحابها بشيكات دفعت رأس مالها وأودع في البنوك ملـدة أيــام ثم سحبت األموال بعد الحصول على الرخصة. أما الفساد األخالقي فهو أنواع عديدة منها من يأمرون الناس بالخلق الرفيع واملثاليات وااللـتـزا­م بالكتاب والسنة ويأتون بعكس ذلك، فكم من األشخاص كتبوا ضــد الـخـمـر واملــيــس­ــر ووجــدنــا­هــم مــن املـتـعـام­ـلـي به، وكـم من الرجال من يحثنا بالرفق باملرأة وهـو أسوأ من يعامل املرأة. أما فساد املظهر فهو يظهر املحاسن ويبطن املساوئ. وكما أسلفت إن التركيز على الفساد املالي فقط ال يعطينا الصورة الحقيقية للفساد. إن محاربة الفساد ينبغي أن ال يركز على الفساد املالي فقط، إن فساد القرارات أو الخطط غير الناجحة وغير املالئمة والتي تؤدي إلى خسارة األوطان من الواجب محاسبة الذين أعدوها واقتنعوا بها وأقنعونا بها وكانت النتيجة سلبية، فكم من مشاريع صرفنا عليها الباليي ثم اكتشفنا أنها غير مالئمة أو مجدية، وكم مــن قـــــرارا­ت أو تـنـظـيـمـ­ات أصــدرتــه­ــا بـعـض اإلدارات واكتشفنا أنـهـا زادت مــن كـراهـيـة وغـضـب املواطني ووترت العالقة بي الطرفي. وأخيرا ال أبرئ القطاع الخاص من الفساد املالي فهو الشريك األساسي وال مبرر له حتى لو كانت شماعته الرغبة في إنجاز أعماله بـأي طـرق وال بديل لـه. وإن جاز لي االقتراح آمل أن ال يكون دور هيئة الفساد فقط الفساد املالي وإنما يدخل في تخصصها جميع أنواع الفساد املذكورة. * كاتب اقتصادي سعودي

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia