ملاذا هي أفضل معلمة؟ )1(

شغلت وسـائـل اإلعــالم خـالل األيــام املاضية بالحديث عـن املعلمة الكندية ماجي ماكدونيل، التي فازت بجائزة املعلم العاملية، التي تمنحها سنويا مؤسسة فيركي في دبـي ألفضل معلم في العالم، وتبلغ قيمتها مليون دوالر، وهـي قيمة كبيرة جعلت اإلعـــالم الـعـربـي والـغـربـي يهتم بـالـجـائـزة وينشغل بالحديث عنها وعن الفائزة بها. أن تحوز معلمة على لقب (أفضل) معلم في العالم، أمر يثير الفضول ملعرفة ما الذي فعلته هذه املعلمة كي تنال هذا اللقب؟! ما هو اإلنجاز الذي حققته وجعلها جديرة بأن تتجاوز آالف األسماء املرشحة للفوز وتخطف هي وحدها اللقب؟! مدفوعة بهذا الفضول أخذت أقلب صفحات اإلنترنت (العربية) بحثا عن إجابة، فلم أجد شيئا يروي تعطش ما أحمل من فضول. لكني ملا انتقلت إلى (اإلنجليزية) وجدت وصفا دقيقا مفصال لعمل هذه املعلمة الجديرة حقا بالفوز. إعالمنا العربي كعادته في مثل هـذه املناسبات، احتفى بالفوز وشخص الفائز ونسي االحتفاء بالعمل نفسه الذي هو موضع االحتفاء. تحدث اإلعالم عن كل شيء يتعلق بهذه الجائزة، عدا العمل الذي أهل صاحبته للفوز. تحدث عن أسماء الذين حضروا حفل تسليم الجائزة، ومقدار قيمتها، والشخص الذي سلمها والشخصيات املعروفة التي شاركت في الحفل، والذين هنأوا الفائزة بالفوز. ومعلومات كثيرة أخرى مثل هذه، واسعة ومفصلة، عدا الحديث عن ماهية العمل الفائز، ولـم استحق الفوز، فهذه املعلومات حسب ما يظهر، يراها اإلعالم (ثانوية) ال تهم أحدا، فالناس (في حكمه) يهمهم أن يعرفوا أن محمدا بن راشد هو الذي سلم الجائزة للمعلمة الفائزة، وأن رئيس وزراء كندا ورئيس وزراء إيطاليا هنآها، وأن رائد الفضاء بيسكيه بعث لها تهنئته من مداره الفضائي وأن األمير هــاري بعث لها تهنئته مسجلة، وأن شخصيات كبرى عاملية حضرت االحتفال بتسليم الجائزة، هذه املعلومات (في حكم اإلعالم) هي التي تستحق أن تبرز وأن يعرفها الــنــاس، أمــا العمل الــذي استحقت الـفـائـزة الـجـائـزة بسببه، فليس مهما الحديث عنه!! غاب عن اإلعالم أن الغاية من مثل هذه الجوائز، هي تسليط الضوء على التجارب املميزة في التعليم، الكتساب مهارات جديدة وإثراء الخبرات التربوية لدى املعلمي، وأن املنطق يقتضي الحديث بصورة مفصلة ودقيقة عن اإلنجاز الذي قامت به هذه املعلمة ومدى الجهد الذي بذلته في سبيل تحقيق رؤيتها وبلوغ أهدافها، فيتعلم اآلخرون من ذلك ويكون لهم حافزا مشجعا على تطوير أدائهم وإتقان عملهم. يوم غد لنا لقاء لعرض موجز للعمل الذي قامت به هذه املعلمة املتميزة، واستحقت عليه الفوز مكتسحة آالف املتقدمي لنيل الجائزة.