احترام اإلنسان.. حق
احـــتـــرام اإلنـــســـان أولـــويـــة ال يـمـكـن الـتـغـاضـي عنها.. هــي أهـــم قـضـيـة تـعـمـل الــــدول واملــنــظــمــات الحقوقية وغير الحقوقية على وضع قواني وأنظمة لضبطها والتأكد من تحققها. اإلنسان أيا كان لونه أو شكله أو جنسه أو دينه.. يجب أن يحترم – حيا أو ميتا-.. هذه قيمة إنسانية أساسية ومفردة حضارية مهمة تفصل بي الهمجية واملدنية. التجاوز على قيمة (االحترام) تعني الدخول في رذيلة اإلهانة، عبر بوابة التطاول واالستخفاف واإلحساس باألفضلية عـلـى كــل خـلـق الــلــه. لــذا يـأتـي (االحترام) كــأولــويــة ال يمكن الــتــنــازل عنها أو االسـتـهـانـة بها؛ خصوصا في املؤسسات التعليمية.. يجب أن تواجه هذه الظاهرة بكل صرامة. يروي أحد طالب املـدارس االبتدائية أن لديهم معلما يــطــلــق عـلـيـهـم أســـمـــاء غــيــر الئـــقـــة، مــثــل: غــبــي، أبله، مـــعـــتـــوه... وغــيــرهــا. املــعــلــم يـعـتـقـد أن هـــذا األسلوب العدواني سيحفز طالبه على الجد واالجتهاد؛ ربما يبحث عــن املـثـالـيـة، لـكـن فــي الحقيقة هــو عــدو لها. عندما تقدم الطالب بشكوى ملدير املدرسة أجابهم بأن عليهم أن (يجتهدوا) حتى يتوقف املعلم عن إطالق هــذه املصطلحات عليهم. (املــديــر يحمي املعلم على حساب الحق). تــــروي إحــــدى طــالــبــات املــرحــلــة الــثــانــويــة أن مديرة مدرستهن تهينهن وتتلفظ عليهن بعبارات ال تليق بالشوارع الراقية، فما بالنا بأروقة مؤسسة تعليمية.. وعــنــدمــا حــــاول أولـــيـــاء األمــــور الــتــقــدم بــشــكــوى ضد املديرة، أخبروهم أن الشكوى ستأخذ شكلياتها، ولكن في النهاية لن يتغير شــيء. (إدارة التعليم ستحمي املديرة على حساب الحق). يــروي طالب فـي جامعة أن دكـتـورا (طـــرده) مـن قاعة الدرس بتهمه أنه لم يكن متنبها للمحاضرة.. وهدده بــالــرســوب لـــو تــكــرر ذلــــك مــــرة أخـــــرى. تــقــدم الطالب بشكوى لرئيس القسم، الذي أجابه بشكل مباشر بأنه لــن ينصر الـطـالـب على الـدكـتـور أيــا كـانـت األسباب. (رئيس القسم يحمي أساتذته على حساب الحق). تـــروي طـالـبـة فــي جـامـعـة أن مـوظـفـة تـطـاولـت عليها بألفاظ تستحق عليها عقوبة القذف.. وحي تقدمت الطالبة بشكوى ضد املوظفة، أجابتها مديرة القطاع بأنها لـن تنصر طالبة على موظفة. (املـديـرة تحمي موظفاتها على حساب الحق). الحديث هنا ليس عن تربية.. فالتربية مرحلة بعيدة عـــن هــــذا اإلســــفــــاف اإلنـــســـانـــي.. ولــكــنــه عـــن انتصار لفضيلة احترام اإلنسان أيا كان مكانه أو مكانته.. كل من يرتكب مثل هذا السلوك يجب أن يكون بعيدا عن الحماية، فهذه جريمة يعاقب عليها الـقـانـون باسم خالق القانون وخالق اإلنسان. القائمون على األنظمة والقواني يعرفون جيدا مبادئ احـتـرام اإلنـسـان، لكن صغار املنفذين لها يحتاجون إلى وعي بأهمية تطبيقها.