الصراعات السياسية في األدب األموي
يـقـدم الـدكـتـور محمد الـبـدرانـي فـي كتابه «األدب األمـــــــــوي»، الــــصــــادر حــديــثــًا لهذا العام عن دار الفكر للنشر والتوزيع، قراءة تحليلية في 224 صفحة تصور الصراعات السياسية والخالفات الحزبية الــتــي عــاشــهــا الــعــصــر فـــي تلك الــحــقــبــة، فـــي مـــحـــاولـــة لقراءة الـــســـيـــاســـة األمـــــويـــــة مــــن خالل األدب خاصة في مرحلة ازدهار الــشــعــر الــســيــاســي إلـــــى جانب الشعر الغزلي والنقائض، يعود مــفــهــوم الــنــقــائــض إلـــى املعارك الهجائية الشعرية التي نشبت بني بعض الشعراء أمثال جرير والــــــــفــــــــرزدق واألخـــــــطـــــــل، وإلـــــى الصراعات العصبية واالنتماءات الحزبية آنذاك، وفيها حسب ما جاء «ينظم شاعر قصيدة في الفخر والهجاء على وزن وقــافــيــة، فــيــرد عـلـيـه شــاعــر آخـــر بقصيدة ينقض بها فخره وهجاءه من نفس الوزن والـــقـــافـــيـــة، حــتــى يــظــهــر تــفــوقــه عــلــيــه من ناحية املـعـانـي، ومــن ناحية الـفـن نفسه». كما كان للنثر النصيب األكبر في الشعر، يعود املؤلف إلى البحث في األدب األموي بــحــكــمــه الــعــصــر الـــــذي امـــتـــاز بــأكــبــر قدر مـن تنوع البيئات التي امـتـدت مـن حدود الصني شرقًا وحتى مشارف فرنسا غربًا، وضـمـت بـني أرجـائـهـا قوميات مختلفة وشعوبًا متباينة على حــــد وصــــفــــه، تـــنـــوع الثقافات بــني الــشــام والـــعـــراق وخراسان ومــــصــــر واملـــــغـــــرب واألنـــــدلـــــس فـــي ذاك الــعــصــر خــلــق مناخًا أدبيًا خاصًا، وحسب القراءات الـتـاريـخـيـة ثـمـة عــوامــل أخرى أدت لتفرد هذا األدب ودراسته بل والبحث فيه بعمق وجدية، أال وهو البالط األموي وموقفه من الشعراء حيث اهتم خلفاء بني أمــيــة ووالتــهــم عـلـى إكــــرام الــشــعــراء الذين يقصدونهم فأغدقوا عليهم األموال بشكل كبير، اهتم أدباء العصر األموي بالصياغة واخــتــيــار األلـــفـــاظ املــنــاســبــة حــتــى تضمن شـعـرهـم الـحـكـم واألمــثــال، اتـسـمـت قراءات املـؤلـف بالحيادية، مقدمًا أسـلـوبـًا جديدًا للمشهد السياسي في األدب األموي.