نظرية حكيم االقتصادية
عندما استشار عمر بن الخطاب رضي الله عنه حكيم بن حـزام في أن يقرر لقريش أعطيات شهرية قـال: (يا أمير املؤمنني إن قريشًا أهل تجارة ومتى فرضت لهم عطاء فتكون التجارة خرجت من أيديهم). ومــا قـصـده حكيم كــان واضـحـا وهــو رأي حكيم على اسم صاحبه، ويؤسس لنظرية اقتصادية متقدمة على اعتبار أن إعطاء هذه الفئة ال يشكل اختالال في موازين الــعــدالــة االجــتــمــاعــيــة ومــبــدأ تــكــافــؤ الــفــرص فحسب، ولـكـن ألن إغـــداق املـــال دون إنــتــاج أو عـمـل يـــؤدي الى االتكالية والجنوح والبطالة املقنعة، وقد يفضي فيما يفضي إليه إلى الترف والرخاوة االجتماعية وتزايد االعـتـمـاديـة على اآلخــر وهــذا يتنافى مـع سنة الخلق ونواميس الطبيعة. نــظــريــة حـكـيـم طـبـقـتـهـا الــنــرويــج فــلــم يــتــم خــلــط املال «الريعي» باملال «اإلنتاجي» لكي ال يفسد األول الثاني، تحسبًا ملا قاله حكيم ولكي ال يقل عطاء املجتمع عن تــجــارتــهــم وصــنــاعــتــهــم وبـــذلـــك حــافــظــت الـــبـــالد على ســواعــد أبــنــائــهــا وابــتــكــاراتــهــم وتـفـانـيـهـم فــي العمل واإلنــتــاج لتصب سـيـولـة نفطها فــي صــنــدوق وطني بلغت موجوداته أكثر من 900 مليار دوالر وجعلت من كل نرويجي مليونيرًا (بالوالدة) في حجم موجوداته خالف أن دخل الفرد لم يتأثر بارتفاع أسعار النفط أو انخفاضها، وحافظ على نموه املطرد كواحد من أفضل خمسة دخول فردية في العالم 55( ألف دوالر). كـان بإمكان النرويج أن تـوزع األعطيات أو املعاشات الشهرية لكنها لم تفعل، وبذلك كسبت مجتمعًا تسوده العدالة واإلنتاج في وقت واحد، هذا إذا ما علمنا بأن نصيب الفرد من موجودات هذا الصندوق يصل حاليا إلـى مـا يـقـارب 200 ألـف دوالر خـالف الـدخـل السنوي لـلـفـرد الـــذي يــأتــي ضـمـن املــراتــب الـخـمـس األولــــى في العالم.