مشروع اخلمسة ماليني نسمة
مشكلة اإلقـامـة غير النظامية ليست وليدة اللحظة، إذ هي ربيبة تمت حضانتها مـن وقـت مبكر حتى أفــرزت خمسة ماليني نفس، يقف جميعهم في الحلق! خمسة ماليني نفس ال يمكن إزالة وجودهم باألماني أو التوسالت للعودة إلى بلدانهم.. هذا الوجود تجذر فأثمر عن ثالثة أجيال كل جيل منها أكثر تمسكا بالبقاء. وعندما يتقدم أسـتـاذي الدكتور صدقة فاضل بمشروع مكافحة نـظـام الـهـجـرة االستيطانية ملجلس الــشــورى هــو إحــســاس بعظم املشكلة التي تــرزح منذ عـقـود، وال يخفى على أي مـواطـن تغلغل ظــاهــرة اإلقـــامـــة غــيــر الــنــظــامــيــة، وبــمــا أنــنــا نــقــف اآلن عــلــى حجم وتداعي املشكلة وأضرارها األمنية واالقتصادية فلن نجد العصا السحرية إلذابة هذه املعضلة. وإذ كــان الــهــدف مــن تقديم املــشــروع حصر تلك الـظـاهـرة مــن أجل التعامل معها بالصورة املرجوة، واملرجوة هذه يمكن تذكر الحكمة العظيمة (أن تـأتـي مـتـأخـرًا خير مـن أن ال تـأتـي أبـــدًا)، وأعـتـقـد أن املناقشة القادمة في مجلس الشورى عن الهجرة االستيطانية غير النظامية ستكون من أهم القضايا الوطنية التي تستوجب تضافر الجهود والعقول والخبرات الدولية في كيفية التعامل مع قضية تعمقت منذ خمسني أو ستني سنة وتــمــددت أطــرافــهــا.. فالقضية ليست هينة الحل، إذ هي قضية تشابكت وتداخلت حتى غدا حلها مرتبطا أيضا مع دول عدة ينتمي لها املخالفون.. أيضا لو أردنا تحمل سفر خمسة ماليني نفس، فأي ميزانية تستطيع اإلنفاق على هذا املشروع، بدءا من القبض على املخالفني، مرورا بإقامتهم أليام عدة، وانتهاء بثمن التذكرة التي ستقلهم لبلدانهم.. املـــشـــكـــلـــة بـــحـــاجـــة إلــــــى حــــل فــــريــــد يـــتـــمـــاشـــى مــــع عـــمـــق القضية وتفرعاتها.