عامان على العاصفة
يوم أمس صادف مرور عامني على انطالق عاصفة الحزم ثم إعادة األمل في اليمن، تأريخ فارق في السياسة السعودية والــعــربــيــة، ألنـــه كـــان تــأريــخ الــقــرار الــحــازم بــعــدم السماح باختراق أو تهديد أمن اململكة بعد أن أكدت كل املؤشرات أنـه مستهدف في النهاية بالعبث الحوثي، وأيضا إعالن الرفض للتدخل الخارجي في شــؤون دولــة عربية شقيقة وجــــارة ووضــــع وكــــالء لــرهــن مستقبلها ومــصــيــرهــا بيد الغير لتكون ساحة فوضى مستلبة ومصدر خطر حقيقي للجوار وغير الجوار. لم يكن القرار مجرد رغبة في خوض الحرب أو استعراض لـلـقـوة دون مــبــررات، بــل كــان نتيجة حتمية النــســداد كل الــطــرق وفــشــل كــل املـــحـــاوالت لـثـنـي الـحـوثـيـني وأعوانهم مــن الـــخـــارج والـــداخـــل عــن اســتــمــرارهــم فــي الـلـعـب بالنار واالستهتار بالشرعية واستمراء املضي في تجيير األوطان لغير أهلها. فشلت كل املحاوالت األممية التي اتضح الحقا أنـهـا محكومة بالفشل منذ بـدايـتـهـا، وأنـهـا ال تـزيـد على مـحـاوالت إلطـالـة حالة السيولة والضبابية التي تكتنف مصير اليمن. اململكة وبقية دول مجلس التعاون الخليجي بذلت كل ما في وسعها إلنهاء األزمة باألساليب السياسية والطرق السلمية، قدمت أكثر مما يتوقعه أحد للوصول إلى توافقات وطنية يمنية داخلية تعيد له األمـن واالستقرار وتنتشله من أيدي العمالء وتجنبه أسوأ املخاطر لو استمر الحال على ما هو عليه. لكن املتآمرين على وطنهم أصروا عـلـى املــضــي بــاألمــور إلــى حــافــة الـخـطـر األكــيــد، وضربوا عـــرض الــحــائــط بـكـل الــتــحــذيــرات مــن مـغـبـة مــا يقترفونه بـحـق الـيـمـن وشـعـبـه الــكــريــم. وبــهــدوء شـديـد وثـقـة كبيرة كـان اجتماع امللك سلمان مع القادة الخليجيني في قصر العوجا بالدرعية متزامنا مـع جـهـود دبلوماسية كثيفة استعدادًا لساعة الصفر، التي حانت عندما أصر الحوثيون على اقتحام عدن ثم طلب الرئيس الشرعي التدخل لحفظ الـيـمـن مــن الــتــمــزق والــضــيــاع، لـتـبـدأ ســمــاء الـيـمـن تمتلئ بطائرات التحالف لعشر دول لوضع الحوثيني وأعوانهم في حجمهم الحقيقي. علينا اآلن أن نسأل املعترضني على عاصفة الحزم تلميحًا أو تــصــريــحــا، واملــتــبــاكــني عــلــى شــعــب الــيــمــن مــن الحرب، والــرافــعــني لـشـعـارات حقيقية ومـفـهـومـة فــي معناها لكن ال تـــوجـــد مــوضــوعــيــة فـــي تــوظــيــفــهــا واســـتـــخـــدامـــهـــا في الــحــالــة الـيـمـنـيـة، خـصـوصـا مــا كــانــت تـشـيـر إلـــى حدوثه بكل تأكيد أوضــاع ما قبل العاصفة من خطر ماحق على اليمن وتهديد حقيقي ألمـن اململكة قد يتعداها لو سمح له بالحدوث، هل كانوا يريدوننا أن نتفرج على جحافل الحوثيني وبقايا الـحـرس الجمهوري للمخلوع وخبراء الـحـرس الـثـوري اإليــرانــي ومـدربـي حــزب الله وهــم يقفون على حدود اململكة ويستعدون للعبث بحدودها وأمنها؟ هل كانوا يريدون اململكة أن تسمح بسابقة خطيرة تحدث تحت نظرها باحتالل جارتها العربية الشقيقة من دولة أجــنــبــيــة واإلمـــســـاك بــزمــامــهــا لــتــكــون ســابــقــة ال يرضاها سجل اململكة السياسي املشرف الــذي وضـع األمــن العربي واستقاللية القرار في قائمة أولوياته منذ توحيد اململكة؟ بكل تأكيد لم تكن اململكة لتسمح بذلك أبــدًا، وكما أعلنت عاصفة الحزم فإنها أعلنت إعادة األمل بكل الدعم اإلنساني الال محدود لشعب اليمن. ومـهـمـا كـانـت الـخـسـائـر بـأنـواعـهـا لـديـنـا أو فــي الـيـمـن إال أن األزمــة ستنتهي كما تؤكد املـؤشـرات على أرض اليمن، وستكون هذه الخسائر أهون بكثير من العار الذي سيلحق باألمة العربية لو كانت سمحت باستالب اليمن وتسليم مصيره لغير شعبه.