)2( ملاذا هي أفضل معلمة؟
ماجي ماكدونيل، معلمة كندية فازت بجائزة املعلم العاملية، التي تمنحها سنويا مؤسسة فيركي في دبي ألفضل معلم في العالم وتبلغ قيمتها مليون دوالر. هذه املعلمة تعمل منذ ستة أعـوام في مدرسة فــي قــريــة نـائـيـة فــي أقــصــى شــمــال كــنــدا حيث تهبط درجة الحرارة إلى 25 درجة مئوية تحت الصفر. القرية صغيرة ال يتجاوز عدد سكانها )1300( نسمة، وهــي معزولة نسبيا حيث ال يمكن الــوصــول إليها إال بـالـطـائـرة، كما أنها تــواجــه مـشـكـات كـثـيـرة، اقـتـصـاديـة وصحية وانحرافات أخاقية، وقد نتج عن ذلك، أن اتجه املراهقون إلى املخدرات والخمور وإيذاء الذات، وبلغ عدد حاالت االنتحار بن املراهقن في عام واحد، ست حاالت في سن يتراوح بن .25 -18 إضافة إلى وجود مشكات أخرى مثل انتشار حــــاالت الــحــمــل غــيــر الــشــرعــي بــن املراهقات، وانتشار السمنة واألمراض املرافقة لها كمرض السكر وارتفاع ضغط الدم وغيرها. بيئة القرية ال تشجع على العمل أو اإلقامة، لذلك فــإن كثيرا مـن املعلمن ال يستمرون في العمل داخلها، سرعان ما يقررون مغادرتها، لكن ماجي كـان لها نظرة مختلفة، شعرت أن من واجبها أن تبقى مع أهل القرية تساعدهم وتحسن من ظروف معيشتهم، كانت مؤمنة أن دورهــا التربوي ال يتوقف عند تلقن الطاب ما في الكتب املدرسية، وإنما عليها أن تعيش معهم حياتهم اليومية كلها. آمنت ماجي أن الطاب املنحرفن واملتسربن من الـدراسـة، ضحايا يحتاجون إلـى كثير من الــحــب والــثــنــاء والـتـشـجـيـع لــرفــع معنوياتهم وبناء الثقة في أنفسهم وقدراتهم، فكانت أولى خـطـوات عملها اإلصــاحــي أن أغـدقـت عليهم حبها، وتعمدت الثناء على ما يبدر عنهم من أعمال طيبة مهما صغرت. أعـــــدت مـــاجـــي حـــزمـــة مـــن الـــبـــرامـــج التربوية االجتماعية التي تهدف إلى معالجة املشكات السلوكية لـدى الطاب واملراهقن في القرية، وحـــرصـــت أن يــكــون الـــطـــاب واملـــراهـــقـــون هم األدوات املنفذة لتلك البرامج، كما عمدت إلى جــعــل بــرامــجــهــا اإلصـــاحـــيـــة تــتــضــمــن مواد متنوعة في مختلف مهارات الحياة، من الطبخ إلى امليكانيكا، ومن إصاح الدراجات الهوائية إلـــى الــبــنــاء، وشـجـعـت الــبــنــات عـلـى االلتحاق بهذه البرامج كاألوالد، بهدف تحقيق التمكن االقتصادي للمرأة وتغيير النظرة التقليدية لها. من البرامج التي أسستها، ناد رياضي ينتفع بــه الــطــاب وأهـــل الــقــريــة فــي مـعـالـجـة مشكلة ارتفاع معدل الوزن وما يصحبها من أمراض، شــجــعــت الـــطـــاب وبـــثـــت فـــي نــفــوســهــم الثقة بـقـدرتـهـم عـلـى الـتـعـاون فــي بـنـائـه وتجهيزه، فكان أن عمل الطاب يدا بيد في بناء النادي معتمدين على جهودهم الذاتية وحدها. كـــذلـــك اســـتـــطـــاعـــت مـــاجـــي أن تــقــنــع طابها بافتتاح متجر منخفض األسعار يبيعون فيه مستلزمات مستعملة يتبرع بها أصحابها، ويعملون هم في إدارته واإلشراف عليه والبيع فيه خــال عطلة نهاية األســبــوع، وقــد استفاد الـــطـــاب مـــن عـمـلـهـم فـــي هـــذا املــتــجــر مهارات مـتـعـددة كــــإدارة املــتــاجــر، والـتـعـامـل مــع املال، وخدمة الزباين وغير ذلك. أيضا للتخفيف من الفقر، أسست ماجي مشروع (مطبخ املـجـتـمـع)، وفـيـه يعد الــطــاب الطعام ويقدمونه مجانا للناس ســواء الـذيـن يأتون لــتــنــاول الــوجــبــة، أو املــــارة فــي الــطــريــق الذين يسعدهم تناول وجبة مجانية يحملها إليهم طـاب املـدرسـة، وتقول ماجي إن هـذا املشروع حسن مهارة الطاب في الطبخ وساعدهم على تقديم وجبات مجانية في مجتمع ترتفع فيه تكلفة املعيشة. بـــرامـــج مــاجــي الــتــربــويــة، الــتــي جــمــعــت بن الــتــعــلــم فـــي املـــدرســـة والــتــطــبــيــق الــعــمــلــي في الحياة االجتماعية، جعلت الطاب يستشعرون قيمتهم الذاتية ويرون نفعهم للمجتمع، فشكل ذلك نقلة إيجابية في شخصياتهم وسلوكهم، انــبــعــثــت الــثــقــة فـــي نــفــوســهــم، واســـتـــمـــدوا من إنـــجـــازاتـــهـــم فـــخـــرا ورضــــــا، فـــأحـــبـــوا املدرسة وانـــخـــفـــضـــت حــــــاالت الـــتـــســـرب، واالنـــــحـــــراف، واالنتحار.