Okaz

هل نغني «بالد العرب أوطاني»..!

- عبداهلل الغضوي (جدة) @GhadawiAbd­ullah

من الظلم مطالبة القمة العربية بأكثر مما تحتمل، فالعلة لم تعد في النظام العربي وهـذه املظلة العربية املتهالكة «الـجـامـعـ­ة الـعـربـيـ­ة، بــقــدر مــا هــي مشكلة الـنـظـام الدولي عموما الذي بات بحاجة إلى نمط جديد من العالقات. وإذا ظن البعض أن القمم العربية عاجزة عن تحقيق تطلعات شعوبها، فهذا الظن فيه الكثير من التحامل، فها هي أوروبا عاجزة عن إضاءة املزاج السياسي واالجتماعي لشعوبها، بــل أصـبـح االتــحــا­د األوروبـــ­ـي يـتـأرجـح ويـخـشـى السقوط الـحـر فـي أيــة لحظة، بعد مـشـروع «بريكست» البريطاني الـذي قـرر الفراق مع أوروبــا القديمة. فيما تمهد املرشحة الفرنسية ماري لوبان لسحب باريس من الطوق األوروبي؛ إذن ليس الـعـرب وحـدهـم فـي حالة مـن التفكك واالنهيار، لكن القصة لم تبدأ بعد. تبدأ قصة العرب من شعوبهم، هذه الشعوب التي تحملت مــا تحملته مــن أزمــــات سـيـاسـيـة وعـسـكـريـ­ة واقتصادية، تبدأ القصة أيضا من من جالد سورية الذي ارتكب السبع «املوبقات»، فيما يرى البعض أنه حضوره يعزز التضامن العربي.!؟ تـبـدأ قصة الـعـرب مـن اليمن الــذي كــان مفترضا أن يكون الـعـرب فـي ضيافته، لــوال خــروج الشياطني مـن جحورهم وتــحــويـ­ـل الـــبـــا­لد إلــــى ســاحــة قــتــال بــاالنــق­ــالب عــلــى حكم الشرعية، وللقصة بقية، في العراق الذي تحولت شوارعه إلـــى ســـالح إيـــرانــ­ـي وجــثــث شـعـبـه تــمــأ شـــاشـــا­ت التلفزة وعـنـاويـن الـصـحـف، وال نتحدث عــن ليبيا الضائعة بني مثلث اإلخــــوا­ن وخليفة حفتر وداعــــش. مـــاذا يمكن لقمة منعقدة في بحر ميت أن تفعل إزاء هذا املشهد التراجيدي!؟. فلم تعد بـالد العرب أوطاني ولـم نعد على قلب «عدنان» و«قحطان». الشعوب العربية لم تعد تبحث عن شعارات التضامن، بل حتى الشعارات لم تعد متوافرة في البيت العربي، ضاعت كل األحالم وتحطمت كل األماني بأمة عربية واحــــدة، كـمـا كــذب علينا حــزب «الــبــعــ­ث»، الـــذي كان مهندسا في تدمير سورية والعراق. إن القرار السياسي الشجاع الذي يفرض نفسه على القمة العربية الــيــوم، هـو إعـــادة التموضع والـتـحـول إلــى جسم سياسي من نوع جديد، قادر على البقاء في املرحلة القادمة، فال عيب في الفشل، إنما العيب أن ننكره ونمضي فيه. األمم الـقـويـة العريقة، هـي الــقــادر­ة على التأقلم والـتـحـول وفق الظروف واملتغيرات الدولية، أما سياسة النعامة ونكران الواقع ما هي إال احتراف في ممارسة الفشل. إذا كان نظام األسـد، من بني املرحبني بهم في قمة «البحر امليت»، فماذ نترجى من هكذا قمم، وإذا كـان ذنـوب إيران حسنات بالنسبة لبعض األنظمة، فما علينا إال أن نودع بالد العرب أوطاني إلى أهزوجة تحظى بصدقية الشعوب الـعـربـيـ­ة. الــســؤال الـــذي يـجـب أن يـتـصـدر الـقـمـة، هــل خرج الــعــرب مــن الـتـاريــ­خ وأصـبـحـوا خـــارج الـنـص الــدولــي؟، أم مازال العرب قادرين على الحياة في هذا العالم؟. هذه القمة ربما ستكون األخيرة، ولعل هذا «البحر امليت»، ينهي أو يصحح مسيرة القمم العربية!.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia