«اإلسالموفوبيا».. من نتائج «اإلسالموية»!
مــعــروف أن األعــمــال اإلرهــابــيــة الـتـي يرتكبها بـعـض الجماعات املتطرفة واملنحرفة، والتي بدأت تجتاح العالم منذ النصف الثاني من القرن العشرين، قد نتج عنها الكثير من التطورات السياسية الكبرى على أغلب املستويات. وطالت هـذه النتائج جــزءا واسعا من عالم اليوم. وواجه العاملان العربي واإلسالمي ردود فعل سلبية في سياسات أغلب دول العالم تجاههما. فمن املــؤســف أن الــعــدد األكــبــر مــن هــذه الــتــيــارات والتنظيمات يدعي اإلسالم، وتحسب زورا عليه، وأبرزها اآلن تنظيما «القاعدة» و«داعش». لقد فاقت نتائج أفعال هــؤالء السلبية، بالنسبة لقضية «الـسـالم واألمـــن» الدوليني، معظم التوقعات. إنها تنظيمات «إسالموية» الهوى.. تفسر الدين على هواها، وتشوهه بارتكاب أبشع األفعال باسمه. ونذكر أن من أبرز النتائج السلبية ألعمال هذه الجماعات، هي: اإلسهام في ضرب محاوالت النهوض العربية، تقوية املوقف اإلسرائيلي تجاه العرب، غزو واحتالل وتدمير العراق، اإلمعان في ظلم الفلسطينيني، غزو واحتالل أفغانستان، تواصل الدعم الغربي للصهيونية، التخطيط لتمزيق العالم العربي أكثر مما هو عليه اآلن، والتضييق أكثر عليه فيما يتعلق بمسألتي التنمية والتسلح. كما أن مـن أســوأ مـا نتج عـن أفـعـال اإلسالموية (بمعناها السلبي الــذي سبق أن طرحناه) هو تنامي ودعــم وتفاقم ظاهرة «اإلسالموفوبيا» في الغرب وغيره، التي تعني: تسفيه وكراهية املسلمني (بصفة عامة) من قبل غيرهم، واتخاذ إجراء ات وأفعال ضدهم على أصعدة تواجدهم، والتمييز ضــدهــم، ومعاملتهم -دون سواهممعاملة سـيـئـة.. فيها حــط مــن الــكــرامــة، وقـــدر مــن اإلهــانــة املـتـعـمـدة.. باعتبارهم «أصحاب عقيدة عنف وتخلف وكراهية لآلخرين (حاشا دين الله القيم) وحتى الحض على استخدام العنف ضدهم»..؟!
**** انتشرت هـذه الظاهرة في معظم أنحاء العالم.. وظلت درجـة حدتها تتفاوت من مستوى منخفض، وغير معلن، إلى مستويات حادة، وسافرة. وكان من نتائج تكرر األعمال اإلرهابية، التي ربطت، أو ارتبطت بمسلمني، أن ارتفعت حدة اإلسالموفوبيا مؤخرا لدرجات غير مسبوقة، وبخاصة في أمريكا والغرب بعامة. ونتج عن ذلك آثارا سلبية كبيرة على قضايا العرب واملسلمني وعلى أشخاصهم، وخاصة أولئك الـذيـن اضطرتهم ظــروف العيش لإلقامة بـالـغـرب، بشكل دائــم أو مـؤقـت. ولهذا، يجمع العرب واملسلمون املعنيون على ضرورة مكافحة اإلسالموفوبيا وتقليصها. وأضحت هذه الظاهرة، وكل ما يتعلق بها من أحداث وأفعال خطيرة، تندرج ضمن أهم مسائل العالقات العربية ــ الغربية، في الوقت الحاضر. **** مـن أهــم أسـبـاب قـيـام وتنامي ظـاهـرة «اإلسـالمـوفـوبـيـا» هـو اإلســالمــويــون، وأفعال تنظيماتهم،كماأشرنا،إضافةإلىتصرفاتبعضالعربواملسلمنياملتشددين(ظاهرة «الغربوفوبيا» ــ إن صح الوصف) من جهة، وتحامل وحقد املتشددين في الغرب على العرب واملسلمني، من جهة أخرى. أي أن سببها يعود -في الواقع- إلى طرفي العالقة.. وإن كان هناك تفاوت في مدى القوة، ومدى الحقد والكيد، والكيد املضاد. وتظل اإلسالموية (بمعناها السلبي) هي املسبب الرئيس لـ«اإلسالموفوبيا»، في كل مكان، ووراء تشويه صورة اإلسـالم واملسلمني في أعني غالبية العالم، بما في ذلك نسبة كبيرة من النشء اإلسالمي. قال لي أحد كبار املسؤولني الغربيني، تعليقا على تفاقم اإلسالموفوبيا في كل أوروبــا مؤخرا: «لن تقف اإلسالموفوبيا، ما لم يتوقف التطرف اإلسالمي للجماعات اإلسالمية ذات التيارات املنحرفة» (يقصد الجماعات اإلسالموية). ولكن، كل هذا ال يعفي حكومات الغرب املتنفذ من مسؤوليتها الكبرى املباشرة، وغير املباشرة، في قيام ورعاية بعض هذه التنظيمات اإلسالموية.. واستخدامها لتحقيق أهدافها السلبية في األرض العربية واإلسالمية. ورغم أن كل العالم يدرك أن اإلسالمويني ال يمثلون إال قلة قليلة بني املسلمني اإلسالميني، يصر الحاقدون عــلــى ربـــــط اإلرهـــــــــاب بــــــاإلســــــالم.. مــتــنــاســني هذه الحقيقة، ومتجاهلني وجود فئات متطرفة في كل بلد تقريبا.
**** والخالصة، أنه نشأ عن سوء تفسير بعض األحكام الشرعية للدين اإلســالمــي الحنيف (عــن ســوء، أو حسن نية) فكر متطرف ضال.. يحسب على اإلسالم، واإلسالم منه براء، اعتنقه بعض املسلمني.. وبسبب ســوء أوضـــاع أغـلـب الـعـرب واملسلمني، واستشراء الظلم والـفـسـاد فـي ديــارهــم، إضـافـة إلــى ممارسة الـغـرب املتنفذ لسياسات ظاملة وقاهرة تجاه العاملني العربي واإلسـالمـي، نشأت ظاهرة اإلسالموية (اإلرهابية) وتفاقمت.. حتى أصبحت تهدد وجود األمة، وتقض مضاجعها، وتشوه دينها أمام كل العالم. عكرت هذه الظاهرة ماء األمة.. وأتاحت ألعدائها الصيد في هذه املياه. واآلن، أصبح هؤالء يستغلون ظاهرة اإلرهاب، لالبتزاز السياسي باملنطقة. وللخروج من هذا املأزق الذى وجدت األمة نفسها فيه، ال بد من قيام حركة تصحيح دينية كبرى، يقودها علماء وزعماء املسلمني العقالء واملخلصون.. تنقي اإلسالم الصحيح مما ألصق به، ومما علق به من شوائب ال حصر لها، ومنها اإلسالموية ذات الفكر التكفيري واإلقصائي الضال، وتعيد لإلسالم صفاءه ورونقه. ثم تعمل على نهضة األمة من سباتها وتخلفها.. باألخذ بكل سبل القوة واملنعة والتقدم، وتحاول حل كل مشاكلها مع العالم اآلخر عبر التفاهم والحوار والتفاوض السلمي.. املؤكد على التعاون، والعمل املشترك.. لتحقيق املصالح املشروعة املشتركة.