ِلَم ال: عبدالرحمن بن مساعد الشاعر العربي الكبير؟
حــقــيــقــة فـــإنـــنـــي أمـــقـــت اســـتـــشـــعـــارنـــا - نحن الـــســـعـــوديـــني - بـــالـــدونـــيـــة والــــتــــواضــــع نحو مبدعينا سواء على املستوى األدبي أو الكروي أو العلمي وغيرها من أوجه العطاء. وقـد حفزتني أمسية الشاعر عبدالرحمن بن مساعد لطرق هذا املوضوع بعد أن تجلى في أمسيته الجماهيرية األخيرة وخاصة في قصائده التي ألقاها باللغة الفصحى مسبوكة ومحبوكة على نحو مبهر ومـفـاجـئ لــي ولكثيرين مثلي، وكنت أحسبني أعرف الشاعر قبل هذا. لكنني أدركــــت أنــه تغير وتــطــور شـعـريـًا كـثـيـرًا خــالل فترة االنــقــطــاع خــاصــة فــي الـقـصـائـد الفصيحة ليفاجئنا نحن الحضور بقدر رفيع من اإلتقان واإلبداع (يمكن ملن عنده شك في كالمي الرجوع لتسجيل األمسية). املهم أنني غــردت في تويتر بعد األمسية بأنني استمتعت بـقـصـائـد الـشـاعـر الـعـربـي الـكـبـيـر عـبـدالـرحـمـن بــن مساعد، وكنت متعمدًا ذلك أوال لقناعتي بما أقول وثانيًا لرصد ردود الفعل على تغريداتي واستكناه شعورنا نحن السعوديني تجاه مبدعينا. وحـدث بالفعل ما توقعته وذلـك حني استكثر البعض علي وصفه كذلك، وأخــذ البعض يصفني باملطبل، فيما تساءل الــبــعــض اآلخـــــر: إذا كـــان ابـــن مــســاعــد هـــو الــشــاعــر العربي الكبير، فماذا أبقيت لكبار الشعراء العرب مثل نزار والشابي ودرويش وغيرهم؟ وهنا مربط الفرس عندي. فـلـمـاذا تقلد األلــقــاب الـكـبـرى فـقـط لـعـرب الــهــالل الخصيب وعــــرب األنـــهـــار؟ وملــــاذا نــســاهــم فــي الــتــرويــج إلخــوانــنــا من املبدعني الـعـرب ونـتـردد أو نخجل عند إبــراز مـن هـم لدينا ومن يتساوون مع سواهم بل ويتفوق بعضهم على الكثير من األسـمـاء الالمعة التي تم تسويقها علينا في مناهجنا الدراسية بينما ال تكاد تجد ذكرًا ألحد مبدعينا في املناهج الـدراسـيـة عندهم؟ هـل تــذكــرون أبــو القاسم الـشـابـي؟ شاعر تـونـسـي تــوفــي قـبـل الــثــالثــني وقـــد جـعـلـوه وكــذلــك جعلناه مــلء السمع والـبـصـر بسبب قصيدة واحـــدة، وهــل تذكرون حافظ إبراهيم والرصافي وبشارة الخوري وسميح القاسم والغيطاني ويوسف زيدان وجبرا إبراهيم ومستغانمي؟ نعرف جميع هــؤالء ومثلهم وأكـثـر منهم لكن ال يكاد أحد من إخواننا العرب يعرف أو يسمع بحمد الجاسر وحسني سرحان ومحمد حسن عواد والقرشي وعزيز ضياء وعبدالله بن خميس والجهيمان وغازي القصيبي وجاسم الصحيح والثبيتي والغذامي وبدر بن عبداملحسن وأبو دهمان ورجاء عالم وهم من هم قيمة وريـادة وإبداعًا في التاريخ والشعر والتراث الشعبي والرواية والقصيدة العامية. وكان من حقنا أن يتم التعامل معنا باملثل وتعليم طالبهم بما لدينا على أن األولى واألحق هو أن نعرف طالبنا باملبدعني عندنا، وأن نرفع من شأنهم، وأن نسهم في ترويج إنتاجهم، وأن نعزز فـي نفوسهم الثقة بإبداعهم؛ لكي يومئ أحدهم برأسه مؤيدًا عندما تقول إن الثبيتي والصحيح والقصيبي وخـــالـــد الــفــيــصــل وبــــدر بـــن عــبــداملــحــســن وعــبــدالــرحــمــن بن مساعد في مقدمة شعراء العرب، وأنهم امتداد ملن قبلهم من الشعراء الكبار كالعثيمني والحجي وأبوحيمد وعبدالله بن إدريـــس والـهـزانـي والــســديــري، وأن محمد عـلـوان وعبدالله باخشوين وعـبـده خــال وعبدالله بخيت وبـدريـة البشر في مقدمة الروائني وكتاب القصة العرب. ورغــــم امـتـالكـنـا للمنصة اإلعــالمــيــة الـعـريـضـة جماهيريًا مـحـلـيـًا وعــربــيــًا إال أنــنــا مــازلــنــا عــاجــزيــن ومــقــصــريــن في تعريفنا بأنفسنا، وتعريف إخواننا العرب بقدرنا ووزننا املعتبر في حقول اإلبداع. ولـــو كـــان عــلــي أن أكــــون أكــثــر وضــوحــًا ألمـكـنـنـي الــقــول إن قصورنا املناهجي واإلعالمي هو نتاج الستمرار انبهارنا باآلخر مما أعمى عيوننا عن اإلعجاب بما هو عندنا، وذلك بــدوره أسهم فـي عجزنا عـن إزالــة الغبش والـغـمـوض الذي يطال سمعتنا ويرسمنا في الذهنية العربية وربما غيرها على غير ما نحن عليه حقيقة وواقعًا، وهذا يقتضي بالتالي أن نرسم منهجية قصيرة ومتوسطة وبعيدة للتعريف بنا من الوجوه السياسية واالقتصادية والثقافية والرياضية والفنية كافة، وأن نتولى تلميع أنفسنا وأن نمارس شيئًا من النرجسية واإلنصاف في حق أنفسنا كما يمارسه غيرنا، أما بغير ذلك فسنظل منكفئني في الظل على الهامش، وسيبقى أبــنــاؤنــا يحسبون أن غـيـرنـا أقـــدر مـنـا، كـمـا سيبقى غيرنا يحسبون أننا فقط جيوب مغمورة باملال.