خان شيخون.. املجتمع الدولي هو القاتل

عندما أرادت أمريكا أن تقضي على حكم صــدام حسني وتحتل الـعـراق وتسرح جيشه وتدمر مؤسساته فعلت ذلـك تحت طائلة تهمة رئيسية هي وجود أسلحة نووية وكيماوية لم تثبت أدلة مادية عليها حينذاك، واعترف الحقًا كثير من املسؤولني الذين خططوا ونـفـذوا اجتياح الـعـراق أنـه ال وجــود لتلك األسلحة، أي أنها تهمة مختلقة وذريعة وهمية أصـرت عليها أمريكا إلنهاء حكم صدام وإعدامه وتشكيل مستقبل العراق الجديد. اآلن فـي سـوريـة نحن إزاء حقيقة وواقــع وليست اتـهـامـات، نظام بـشـار األســد منذ بــدايــة الــثــورة الـسـوريـة وهــو يقصف املواطنني عشوائيا بالبراميل املتفجرة الـتـي تحتوي خلطات مـن أسلحة الــدمــار الـفـتـاكـة، تـوجـهـا قـبـل يـومـني بقصف بـلـدة خــان شيخون ببراميل السالح الكيماوي التي قتلت ٠٠١ شخص بينهم ١١ طفال وأصابت ٠٠٤ شخص، وبعد هذه الغارة اإلجرامية امتألت وسائل اإلعالم العاملية بصور الضحايا وعبارات التنديد، ولكن ماذا فعل ما يسمى باملجتمع الدولي، وزعيمة هذا املجتمع أمريكا؟ طــوال فترة إدارة أوبـامـا كانت تعطي الـوقـت لبشار ملمارسة ما يــشــاء، وتــنــاور بمواقفها املـائـعـة املـخـزيـة تـجـاه كــارثــة إنسانية تأريخية، ما أتاح لروسيا القفز إلى صدارة املشهد لدعم حليفها بشار واملشاركة في جرائمه املتواصلة. وقبل أيام فاجأنا دونالد ترمب بأن بشار األسد ليس أولوية في معالجة األزمـة السورية، وهــا هــو بــشــار يعبر عــن شــعــوره بـالـثـقـة فــي االســتــمــرار نتيجة موقف ترمب ويعطي إشارة على ما يمكن أن يفعله، حني قصف خان شيخون بكل وحشية ولؤم. املـجـتـمـع الـــدولـــي يـشـجـب ويــتــبــاكــى عــلــى هـــذه املـــجـــزرة بدموع التماسيح، وكــل مـا فعله هـو املطالبة بتحقيق أمـمـي واجتماع ملجلس األمن، ونتيجة ذلك لن تكون أكثر من القول لبشار: أبشر بـطـول سـالمـة يـا مـربـع. هــذا املجتمع الــدولــي الفاسد إذا أراد أن يفعل شيئًا فبإمكانه اختالق ذرائع غير حقيقية، وإذا لم يرد فإنه ال يفعل حتى لو كانت األدلـة دامغة يراها كل البشر. إن املجتمع الــدولــي هــو املــســؤول األول عــن اســتــمــرار الــعــذاب الـــذي يتجرعه الشعب الـســوري ألنــه يقف متفرجا متخاذال وخائنا لكل القيم اإلنسانية.