Okaz

ترمب يزأر.. وأسئلة سورية معلقة!

- جميل الذيابي jameelth@gmail.com Twitter: @JameelAlTh­eyabi

«أحيانًا ال تجد اإلجابات عن األسئلة التي تحاصرك، فال تملك إال التململ أو التجاهل أو الــوقــوف على سطح مبنى قـديـم؛ لتتأمل زرقـة السماء، وحركة املـجـرات، وتعد النجوم، وأنـت ترتشف قهوة داكــنــة الــســواد، تشبه واقـــع الــحــال الـعـربـي «املـقـطـع األوصـــــ­ال»، ثم تزفر من قسوة الصورة، تظل واقفًا «بائسًا» «مختشبًا»، على شرفة عربية «آيلة للسقوط»، وأنت تستعرض شريط األحداث السياسية، والشعارات والكلمات والتصريحات، ثم تدير ظهرك لتلك النافذة «الــخــجــ­ولــة»، مـصـوبـًا عينيك عـلـى الـشـاشـات اإلخــبــا­ريــة، لتشاهد أخـــبـــا­رًا مــأســويـ­ـة عــاجــلــ­ة تـنـقـل عـمـلـيـات قــتــل واغــتــيـ­ـاالت ومآسي ومذابح، ال يسلم منها أحد حتى النساء واألطفال األبرياء. تحل نـوبـات الـبـكـاء، وتمسح عينيك بمنديل مـن دم، ويـظـل قلبك يرتجف، ورئــتــاك تنهمران بـالـدمـوع. هـكـذا هـي الـحـال فـي سورية وأنت تشاهد املوت والجثث وأشالء األطفال األبرياء في كل البلدات وتحت األنقاض». هكذا بعض ما كتبت متلوعًا في عام ،2012 على وقع حمام الدم في سورية. تأملوا.. بعد مضي أعـوام عدة لم يتغير شيء، فما لبثت أن وقعت مجزرة «الكيماوي» في الغوطة الشرقية 21( أغسطس ،)2013 التي راح ضحيتها 1127 مدنيًا سوريًا، 201 منهم نساء، 101و طفل، هـا أنــا أكـتـب اآلن على وقــع مذبحة خــان شيخون فـي 2017 التي لقي فيها أكـثـر مـن 100 مـدنـي مصرعهم، بينهم 20 طـفـال بريئًا وبالكيماوي نفسه! ما أظلم النظام البعثي في سورية وما أكثر جرائمه، وما أظلم القوى التي تدعمه: روسيا وإيران وتابعها «حزب الله» وتلك امليليشيات الطائفية. ال شـك أن الـضـربـة األمـريـكـ­يـة لنظام األســد تبعث األمل لكنها ليست كافية بل تحتاج إلى تكتل وتكامل دولي إلسقاط نظام املجرم. وعلى رغم مرور أكثر من ستة أعوام.. ال يزال العالم غارقًا في الجدل أمــام نفس الـصـورة، وعـاجـزًا فـي أكبر مؤسساته األممية (مجلس األمن) عن اتخاذ قرار ينقذ شعبًا. وتنتهي االجتماعات املغلقة واملفتوحة إلى دماء وإحباطات. روسيا مسلحة بالفيتو، وتتنزه بالطائرات في أجــواء سورية كل يــوم إلفـنـاء شعب ال ذنــب لــه. كـم مـن السوريني هـجـروا مـن ديارهم بسبب الـنـزاع؟ ثمانية ماليني سـوري يعيشون الجئني ومشردين، كأتعس مـا تـكـون الــحــال. آلــة بـشـار األســد العسكرية الـتـي تعززها الطائرات الروسية وامليليشيا­ت اإليرانية األصيلة والوكيلة أبادت 500 ألف سوري، نصفهم من األطفال والنساء.. والعالم يتفرج.. والجامعة العربية تجتمع وتنفض.. ومجلس األمن يتلقى لـطـمـات الفيتو الــروســي مـذبـحـة تـلـو مــجــزرة، والسوريون يموتون، وبراميل املتفجرات، وبراميل الغاز السام، وقذائف الـدبـابـا­ت وصــواريــ­خ الـطـائـرا­ت ال تتوقف. واألســـد يتفنن ويتلذذ بأكل لحم شعبه مشويًا، ومشوهًا، ومدمى. عام سابع بدأ وبـارود ونيران بشار وحلفائه ال تنتهي. و«داعش» يجز الرؤوس. والسوريون يهجرون ويشردون وينزحون نحو موت جديد. ستة أعوام مضت وروائح الجثث أضحت مقيمة في كل بلدة وقرية ومحافظة سورية. أين إرادة املجتمع الدولي إلسقاط نظام املجرم؟ ماذا أصاب العرب بعد أيـام فقط من لقاء قادتهم على شط البحر امليت حيث رفرفت أعالم النظام السوري القاتل؟ كيف تجرأ النظام األسدي على زيادة وتيرة سفك الدماء، وتدشني املجازر واملذابح، ونحر النسوة واألطفال، وهدم البيوت على رؤوس ساكنيها؟ لقد تجرأ على تلك الفظائع؛ ألنــه أمــن العقاب الدولي، مـطـمـئـن إلـــى أن هــنــاك قـــوى أكــثــر شـــرًا مــنــه تــدعــمــ­ه ال تــبــالــ­ي مثل «نيرون» تتفنن بحرق النظام العاملي في سبيل ضمان هيمنتها، وتحقيقها ما تعتبره نصرًا على القوى التي تنافسها. كيف يمكن إرســاء مبدأ الـعـدالـة للشعوب لئال تجد األمــم املتحدة مصير عصبة األمــم، وتصبح شريعة الـغـاب، و«الــقــروش الكبيرة تأكل األسماك الصغيرة» أساسًا للنظام العاملي في القرن الـ .21 األكيد أن سورية تقطع من الوريد إلى الوريد، وأضحت أمام خيارين ال ثالث لهما: إما أن تكون، أو ال تكون. إمـا أن يرفع العالم املعاناة عن شعبها، وإمــا نشيعها إلـى مصير قاتم. السؤال اليوم.. هــــل الـــعـــا­لـــم عــلــى شــفــيــر مـــواجـــ­هـــة عــاملــيـ­ـة كـــبـــرى عــلــى األراضــــ­ــي السورية؟! هل سيبقى الــدور العربي على الهامش حيال كارثة تواجه شعبًا عربيًا؟. املوقف السعودي السريع املؤيد للضربة العسكرية األمريكية ضد نظام األسد مهم و«متقدم»، ولو كانت الضربة محددة. املخالب األمريكية تعود للمنطقة.. والــدب الـروسـي يــدرس حلوله مــع القتلة، ولكنه يـعـرف أن «نــزهــة أوبــامــا ولـــت» وصــرامــة ترمب حضرت. تـرمــب قــال وفــعــل.. الــرســال­ــة األمـريـكـ­يـة وصـلــت للكرملني واملاللي واألسد، لكنها ليست كافية قبل الشروع في خطة إسقاط نظام املجرم بشار األسد ووضعه في «الزنزانة» ومحاكمته كمجرم حرب. عهد ترمب ليس كعهد أوبـامـا. املرحلة مختلفة. املنطقة ملتهبة، ومقبلة على املزيد من النار والبارود، والتضحيات، واملواجهات الكبيرة لحسم امللفات املؤجلة واملعلقة.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia