«القدية» ليس توفير وظائف فقط
الذين ينظرون إلى إنشاء أكبر مدينة ترفيهية رياضية وثقافية في العالم «مشروع القدية» على أنه سيساهم في توفير 500 ألف وظيفة فقط، لم يقرأوا أبعاد املشروع التاريخي الكبير بكل تفاصيله، ألنها تتجاوز ذلــك بكثير، فهو يستهدف توفير أكـثـر مـن 77 مليار ريال ينفقها السعوديون بالخارج سنويًا، ولو نجحنا في أن نوفر ثلثهم على األقل فإننا سنوفر ما يقارب من 20 مليار ريال. ستتحول األرض الفضاء املوجودة غرب العاصمة الرياض التي أعلن ولي ولي العهد األمير محمد بن سلمان بإقامة أكبر مشروع ترفيهي عليها إلـى أرض األحــالم السعودية الجديدة، وكنز جديد لن يعرف السعوديون أهميته إال مع اإلطالق الفعلي للمشروع العمالق، في ظل التقارير االقتصادية التي تؤكد أن خسائر سفر السعوديني للترفيه بالخارج تمثل هدرا كبيرا لالقتصاد الوطني.. وقضية لم ينجح أحد على مـدار السنوات املاضية في االقـتـراب منها أو إيجاد حل نهائي لها. جاء املشروع العمالق لينسجم مع رؤية الوطن ،2030 السيما أن الحكومة ستلعب دورًا مختلفًا هــذه املــرة ولــن تكون هي املستثمر حتى ال تضغط على ميزانية الــــــدولــــــة، بـــــل ســـتـــقـــوم بــــــــدور مسهل االســتــثــمــارات أمـــام الـقـطـاع الخاص، وستكون إضـافـة مهمة نوعية لصندوق االسـتـثـمـارات العامة الذي تعود إليه ملكية الشركة القابضة التي سيتم تأسيسها، والتي ستعود إليها ملكية أرض املشروع. تحمل «الــقــديــة» أبــعــادًا اقـتـصـاديـة كـبـيـرة، وأحــالمــًا طــال انتظارها، وسـتـكـون قــــادرة عـلـى خـلـق فــرص وظيفية غـيـر مـسـبـوقـة، بــل فرص تشغيلية عدة للمستثمرين السعوديني من إنشاءات ومقاوالت ونقل ومــرافــق عــامــة وتــســويــق وضــيــافــة وتــجــزئــة، مــا يــدعــم رؤيـــة جديدة للتوطني والتوظيف ويخلق مجاالت خصبة يمكن أن تجذب الشباب والفتيات السعوديني، رغم أن تكلفته التي أعلن عنها هي 10 مليارات ريـال، وهي يمكن تحصيلها من عوائد غير مباشرة خالل عام واحد فقط. إنـهـا بـــادرة ملهمة تترجم الفكر الـجـديـد والـتـوجـه املـفـتـوح للقيادة الشابة ولحكومتنا الرشيدة التي أخذت على عاتقها العمل من خارج الــصــنــدوق واالبــتــعــاد عــن األفــكــار التقليدية الـتـي لــم تـجـد نفعًا في تحقيق النتائج املرجوة، فهناك الكثير من املدن الترفيهية الصغيرة التي لم تنجح في أن تكون البديل القوي للسعوديني عن السفر، وكان البد أن يكون املشروع في مستوى تطلعات الباحثني عن ترفيه حقيقي وغير تقليدي. يعطي املشروع -كما قال املختصون وأصحاب الخبرة- إرادة داخلية ملواجهة التباطؤ االقتصادي، ويساهم في إعادة هيكلة االقتصاد على أثر ارتفاع معدالت البطالة ويخلق بيئة استهالكية جديدة في قطاع الترفيه، حيث إن %36 من األســر السعودية تتخذ من الـخـارج وجهة لها في اإلجازات والعطل، مع انخفاض االستهالك في السعودية خالل الشهور املاضية بنسبة 3%، وبالتالي فإن هذا املشروع سينعكس إيجابًا على االستهالك الداخلي.. وعلى الكثير من مناحي الحياة باململكة.