ولنا في النظام الصحي األمريكي ِعبْرة

النظام الصحي األمريكي هو األغلى في العالم كافة، ليس بالضرورة بسبب جودة الخدمات املقدمة للشعب األمريكي أو التغطية الكاملة للمواطنني، ولكن لغالء نظام الرعاية الـصـحـيـة قــصــة، نستخلص مـنـهـا عــبــرة ونـتـعـلـم أال نقع في ما وقعوا فيه من أخطاء، ونتأسى بهم فيما نجحوا فــيــه. الــقــصــة تــبــدأ عـــام 1٩10 عــنــدمــا حـصـلـت الجمعية األمريكية الطبية AMA على سلطة الرقابة على كليات الطب، ومنح األطباء رخص مزاولة املهنة. وحينها أغلقت الجمعية عددا من كليات الطب ودمجت أخرى مع بعضها البعض، وقلصت عدد املسموح بقبوله في جميع الكليات. ثــم حـــددت عـمـل املــهــن الـطـبـيـة املــســانــدة مـثـل التمريض، وممارسي العالج الطبيعي، وقصره على األطـبـاء، ليس فقط من أجل صالح املرضى، ولكن من أجل التحكم في عدد األطباء املتخرجني وقصر املمارسة عليهم لزيادة دخلهم، وإعطائهم مكانتهم االجتماعية. وبالفعل نجحت في ذلك، فبعد أكثر مـن 100 عــام على ذلــك األمــر، يحصل األطباء األمريكيون على أعلى دخـل حـول العالم، حتى من أقرب جيرانهم في أمريكا الشمالية (كندا). ومن النتائج األخرى أن الكليات األمريكية إذا ضاعفت الـيـوم عـدد الخريجني ستحتاج إلى 20 عاما حتى يكتفي السوق األمريكية من األطباء، ثم في عام 1٩25 قامت شركات األدوية بالتأثير على الكونغرس إلصــدار قانون امللكية الفكرية لأدوية، والذي يمنع شركات أخرى من إنتاج أدويتهم لـ02 عاما. ثـم جــاء عــام 5٤٩1 ليصدر أخطر قـانـون يسمح لشركات الـتـأمـني بـاالحـتـكـار عـيـانـًا بـيـانـًا دون أي مــســاءلــة. وكان رد املستشفيات عـام 1٩72 بعمل شـروط إضافية مشددة لبناء مستشفيات جديدة، للتضييق على من يريد دخول الـسـوق. وهـكـذا كـان حـل االحتكار باحتكار أكبر على كل املستويات، والنتيجة الـيـوم أن معدل إنفاق أمريكا على الفرد ثالثة أضعاف الــدول األوروبــيــة، مقابل معدل عمر أقل، %10و من الشعب األمريكي ليس لديه رعاية صحية %20و يجد صعوبة فـي دفــع تكاليف الـرعـايـة. قــال رائد نظام الجودة األمريكي «ديمنج» إن تكاليف االحتكار في النظام الصحي األمريكي أحد أهم أسباب الدين األمريكي العام، والـذي تخطى الــ61 تريليون دوالر. وأن االقتصاد األمريكي تأخر كثيرا نتيجة التكاليف املرتفعة للرعاية الصحية. اليوم في أمريكا ثلث املستشفيات البالغ عددها 5000 مستشفى ستغلق أبوابها قبل ،2020 وأفلس عدد كبير منها فعال هذا العام. كيف يحدث هذا، ولديهم أغلى نظام طبي فـي الـعـالـم؟ اإلجـابـة هـي االحـتـكـار واالحتكار املــضــاد. وعلينا فــي هــذه اللحظة التاريخية فــي اململكة أن نعتبر مـن هــذه التجربة، ألنها ال تتكرر وال يمكن أن نعود في أي خطوة إلى الوراء، وال يوجد فرصة لتصحيح األخطاء. النظام الصحي األمريكي اليوم ال يمكن إصالحه، ال بد أن نعقل أمرنا قبل أن نصل إلى نقطة الال عودة.