اليمن بني العرب وإيران
في ظل التسهيالت التي تقدمها الحكومة البريطانية؛ يبدو أن إيران وأتباعها من البحرينيني وجــدوا في لندن املــالذ اآلمـن للتخطيط لعملياتهم التخريبية بذريعة املطالبة بحماية حقوق اإلنسان، ليخلق ذلك حالة من التوتر الشديد في العالقات الخليجية البريطانية، ويأتي في إطاره االعتداء السافر الذي تعرض له اللواء أحمد عسيري مستشار وزير الدفاع السعودي لتعطيل مشاركته في ندوة تبحث األوضاع في اليمن بتاريخ 31( مارس .)م2017 إن (العالقات الخليجية البريطانية) تتطلب فعال مراجعة سريعة وشاملة من قبل الحكومة البريطانية؛ خصوصًا في ظل مواقفها إزاء ما يجري من تصرفات ال مسؤولة وخاضعة بوضوح للتوجيه السياسي اإليـرانـي الذي يخدم مصالح إيـران عبر التمويل املـادي والعسكري واللوجستي املـقـدم للحوثيني في اليمن بهدف السيطرة على الخليج العربي وتــهــديــد أمـــن خــطــوط املــالحــة الــدولــيــة وإمــــــدادات الـنـفـط املتجهة إلى أوروبــا وآسيا، خاصة بعد االنسحاب البريطاني من االتحاد األوروبي، وحاجتها امللحة لتعزيز عالقاتها االقتصادية والتجارية بدول مجلس التعاون، والتي ال يمكن أن تكون مستقرة وثابتة إذا لم تستطع الحكومة البريطانية وقف املمارسات املسيئة واملتكررة على أراضيها واملؤثرة جدًا على عالقاتها مع دول مجلس التعاون. لقد استطاعت اململكة العربية السعودية من خالل شبكة اتصاالتها املباشرة بالدول األوروبية ومجتمعاتها املدنية واملجتمع الـدولـي توضيح الـصـورة الغائبة عن مجريات األحــداث في اليمن، وتصحيح املعلومات املغلوطة التي روجتها إيــران والحوثيون عن حقيقة األوضاع هناك، مما يؤكد بأن التحركات العربية العسكرية الضخمة والحازمة تحت القيادة السعودية بانطالقة عاصفة الحزم في اليمن في (مارس ،)م2015 وعملية إعادة األمل في (أبريل ،)م2015 ومـنـاورات رعـد الشمال في (فبراير – مـارس )م2016 التي أعــادت لألمة العربية واإلسالمية الــروح والـعـزة؛ جعلت إيــران تـدرك انهيار الخريطة السياسية الجديدة التي خططت لها في منطقة الخليج والــشــرق األوســــط، وفـشـل مخططها فــي اإلعـــالن عــن دولـــة تـابـعـة لـهـا جنوب السعودية، وانتهاء مشروعها في السيطرة والتمدد في الجزيرة العربية وتصدير مبادئ ثورة الخميني. حيث توقعت إيــران أن يطلق االتـفـاق الـنـووي مـع الـغـرب يدها فـي الـشـرق األوســط ويعطيها الضوء األخضر بأنها صاحبة القرار في إطار منظومة سياسية واقتصادية بديلة عن مجلس التعاون والجامعة العربية بما يتفق والــرؤيــة األمريكية بتقسيم الـعـراق واململكة العربية السعودية إلى عدد من الـدول وتغيير األنظمة القائمة إلى أنظمة جديدة من أجل قيام شرق أوسط جديد. فبعد اختطاف اليمن، واستيالء (الحوثيني) على السلطة، وتحالفهم مع إيران لتمكينها من إيجاد منفذ على الخليج العربي لتنفيذ مخططاتها الدنيئة؛ وبعد أن سخر الرئيس املخلوع (علي عبدالله صالح) كل طاقاته وتأثيره القبلي والطائفي الستمرار القتال وتدمير وطنه ومقدرات شعبه، وبعد التعنت الحوثي في املفاوضات السياسية الفاشلة مع املبعوث الدولي لليمن، أكدت عاصفة الحزم والتحالف العربي املدعوم بقرار مجلس األمن الدولي على خطوات هامة وآلية عمل للحل السياسي يتعني االلـتـزام بها واملتمثلة فـي: شرعية الرئيس عبدربه منصور هــادي، واملــبــادرة الخليجية، ومخرجات الـحـوار الوطني؛ وهذا ما سوف يساعد على التوصل إلى حل األزمة اليمنية ويؤدي فــي نهاية األمــر إلــى إغــالق نــافــذة الـتـمـدد اإليــرانــي وتـهـديـده ألمن واستقرار دول مجلس التعاون والوطن العربي عمومًا. وفــي إطـــار الـجـهـود الخليجية والــدولــيــة لحل األزمـــة اليمنية كان اجـتـمـاع (اللجنة الـربـاعـيـة الــدولــيــة) الـتـي تـتـكـون مــن (السعودية، واإلمــــــارات الـعـربـيـة املــتــحــدة، وسـلـطـنـة عــمــان، والـــواليـــات املتحدة األمـريـكـيـة، واململكة املـتـحـدة) الــذي عـقـد فـي لـنـدن يــوم 13( مارس )م2017 لبحث تعديل خطة السالم األممية التي تتضمن شقا أمنيا يتعلق بانسحاب الحوثيني من املـدن وتسليم األسلحة، وشقا سياسيا حول تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم األطراف السياسية كافة، يمكن تحديد خطوطها العريضة في اإلبقاء على الرئيس عبدربه منصور هادي في منصبه حتى إجراء االنتخابات الرئاسية، وإلغاء منصب نائب الرئيس، وتشكيل حكومة وحــدة وطنية، وتسليم الحوثيني أسلحتهم لقوات الجيش اليمني في حضرموت. فتسوية األزمـــة اليمنية وإنــهــاء الــحــرب الــدائــرة واســتــعــادة وحـــدة الــدولــة والــتــراب الوطني بقيادة يمنية مـوحـدة تحظى بدعم اململكة العربية السعودية وقــوى التحالف العربي لها انعكاسات مباشرة على بسط األمن واالستقرار في منطقة الخليج العربي، ودليل كبير على فشل املخططات اإليرانية في شق الصف العربي والهيمنة على مقدرات األمة العربية، وفرصة كبيرة لبناء التضامن العربي الجديد على أسس ومعطيات جديدة، تؤكد قدرة األمة العربية على إدارة أزماتها وإيجاد الحلول السياسية لها وتعزيز مصالحها وحماية سيادتها الوطنية بعيدًا عن تدخل القوى الكبرى، وهـو ما يحيي آمـال شعوب العربية في رص صفوفها أمام التهديدات واألخطار املحدقة بها من كل جانب.