Okaz

السفهاء يتبعهم الغاوون

-

لفتني ارتفاع أرقــام الهدر الغذائي املعلنة في املؤتمر املنعقد الثالثاء املاضي بمركز امللك عبدالعزيز للحوار الوطني تحت عنوان «بنوك الطعام.. الفكرة والحاجة»، منها أننا نهدر %35 مما نخبز ونـعـجـن، %30و مما نـسـتـورد مــن األرز، %28و من إجمالي نفاياتنا طعام، ونهدر 173 مليار متر مكعب من املاء سنويا األمر الذي يؤدي إلى انبعاث مليار طن من غاز امليثان الضار. وكانت حملة لشركة صافوال تحت شعار «متى نقدرها» أعلنت أننا نهدر من الطعام في منازلنا ما قيمته 70 مليون ريــال يوميا، أكــرر يوميا، ومـا يحدث في املناسبات من والئم يهدر تقريبا نصف ما يقدم فيها من طعام، أما والئم التفاخر و«املهايطة» فحدث وال حرج. بـالـقـطـع ال عــالقــة لــهــذا بــالــكــ­رم، بـكـل ابــتــســ­ار مـمـكـن هــو «بطر الـنـعـمـة»، وعـقـابـه مــن واهـــب النعمة سبحانه مــعــروف، وألوم هنا الدعاة وخطباء املساجد فكثير منا مازال يهدر نعمة الله، وأعـجـبـنـ­ي فـيـديـو قصير عــن الــحــال الـــذي وصــل إلــيــه الشعب الفنزويلي بعد أزمـات متعددة في الكهرباء واملـاء والغذاء مع تــدنــي أســعــار الـنـفـط، مــا أدى لشبه انـهـيـار اقـتـصـاد فنزويال. وربما، تخلصا من املسؤولية، نتساءل ببراءة كما فعل موسى، عليه السالم، في سورة األعراف «أتهلكنا بما فعل السفهاء منا»، لكن علينا تذكر آية األنفال «واتقوا فتنة ال تصينب الذين ظلموا منكم خـاصـة واعـلـمـوا أن الـلـه شـديـد الـعـقـاب». والـسـفـهـ­اء لهم حكم في الشريعة والقانون، وسيئاتهم يصل ضررها للجميع، بالخصوص مـحـدودي الـدخـل، وقـد أكـد أحـد متحدثي مؤتمر مركز الحوار أن هدر الطعام السبب الرئيس في ارتفاع األسعار، وها هو شهر رمضان الكريم على األبواب، وقد حصر كثيرون سبل الخير فيه بحمالت «إفطار صائم»، والله وحده يعلم كم يهدر فيها. لم ال ننظم وننشئ عددا من الجمعيات أو الشركات املتخصصة بجمع بقايا األطـعـمـة، تـكـون لها فــروع فـي معظم مــدن وقرى اململكة، فكرة بنوك الطعام املبحوثة في مؤتمر الحوار الوطني خطوة في هـذا االتـجـاه، ونحتاج أكثر من فكرة، أتصور دورا مهما للجمعيات الخيرية القائمة، بتخصيص فرع لها يتولى هــذه املهمة داخــل أحـيـاء املـــدن، ولديهم قـوائـم بيانات جاهزة باملستفيدي­ن مـنـهـم، أتــصــور دورا لــوزارتــ­ي الـعـمـل والتنمية االجتماعية والــشــؤو­ن اإلسـالمـي­ـة. يقيني أن مـا يحول فائض الطعام هـذا إلـى هـدر ونفايات عـدم وجــود آلية واضحة كفؤة تتسلم الفائض وتسلمه سليما للمحتاجني، إيجاد هذه اآللية أمـر ميسور إذا وجـد املنظم الـقـادر على جمع أطــراف القضية، تستطيع القيام به أي منظمة خيرية غير ربحية تكتفي بتغطية تكاليفها. محبو الخير كثيرون بالبلد، فقط يحتاجون من ينظم ويبني لهم الـسـبـل، وحـفـظ النعم يعتبر مـن أهــم أعـمـال الـخـيـر. اللهم أدمها نعمة واحفظها من الزوال.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia