هل دب االنقسام بني «ماللي طهران»؟!
إيران تتخبط. ليست مقولة جديدة. فقد ظلت إيران فاقدة البوصلة منذ انــدالع ثـورة الخميني في عـام .1979 لكن تـخـبـطـهـا بـــدا أكــثــر جـــاء خـــال الــفــتــرة األخـــيـــرة، بعدما اتضح أن مرشد النظام علي خامنئي، الــذي يتحكم بكل قرار تنفيذي، وتشريعي، وقضائي، أضحى في عزلة شبه تامة، بسبب معاناته من مضاعفات سرطان البروستات كما تقول غالبية التقارير والتسريبات الصحفية. وألن املرشد ليس حاضرًا في جميع األوقات، صارت الصراعات الــداخــلــيــة، والــتــشــرذم، والـتـشـظـي أمـــرًا واقــعــًا فــي الحياة السياسية اإليرانية. ويبدو كما يرى املتحدث اإلعامي باسم منظمة مجاهدي خلق اإليرانية موسي أفشار، أن الخافات الداخلية وتفاقم صــراع العقارب يعكس هزيمة نظام املـالـي فـي مواجهة أزمـــاتـــه املـــتـــزايـــدة الــداخــلــيــة والــخــارجــيــة ومــــن املجتمع اإليراني املحتقن. ومــن الــواضــح ولــعــل أبــلــغ دلــيــل عـلـى ذلــك إقــــدام الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد على إعانه ترشيح نفسه لــرئــاســة الــجــمــهــوريــة، فــي االنــتــخــابــات الــرئــاســيــة املقرر إجـراؤهـا في مايو الـقـادم، منافسا لدمية املرشد الرئيس حسن روحـانـي، الــذي يستغله خامنئي واجـهـة بزعم أنه إصـاحـي، لـ «تسليك» العاقات مع الـغـرب، بعد إخضاع إيران لاتفاق بشأن برنامجها النووي. وكان نجاد أعلن نيته الترشح للرئاسة في سبتمبر ،2016 فسارع املرشد إلى توجيهه بعدم ترشيح نفسه. غير أن نجاد قرر في 11 أبريل الجاري أن يتحدى املرشد، وهو املرشد نفسه الـذي كان يتولى الرئاسة تحت إمرته. وقــــال الــرئــيــس الــســابــق إن تـعـلـيـمـات املــرشــد إلــيــه ليست سوى «نصيحة». وهو يدرك جيدًا أنه لن يفوز. ليس ألنه ال يستطيع تـزويـر االنتخابات مثلما فعل املــرة السابقة في ،2009 ولكن ألن التزوير يتم بتعليمات من خامنئي والدائرة املقربة إليه من «املالي» املتشددين. كما أن فرص فوزه ضئيلة ألنه يفتقر إلى الشعبية، فقد شهد اإليرانيون كــيــف أشـــــرف بــنــفــســه عــلــى قــمــع املــتــظــاهــريــن، والتدخل فــي االنــتــخــابــات الـنـيـابـيـة والــبــلــديــة وخــرجــت فــي عهده حركة «املعاصم الخضراء» التي عمت كل املـدن اإليرانية آنــــذاك. كـمـا أن تـصـريـحـاتـه الـسـيـاسـيـة املــتــهــورة الخالية من الدبلوماسية وضعت إيــران على شفير صـدامـات مع دول عدة، ليزيد وضع الشعب اإليراني ضغثًا على إبالة، وهو الشعب الذي ظل يتجرع علقم العقوبات الدولية منذ 1979 با انقطاع. وال يــزال الشعب اإليـرانـي 80( مليون نسمة) يكتوي بنار العقوبات الدولية والغربية تحديدا، على رغم تخفيف بعضها عقب االتفاق النووي «املهزوز» في عهد الرئيس األمريكي السابق أوباما. ال شك في أن إعــادة نجاد ترشيح نفسه للرئاسة ال تعدو أن تكون «رغبة» العودة لدائرة الضوء. لكن من املؤكد أنه دليل على أفول نجم املرشد األعلى، وعلى أنه لم يعد قادرًا على اإلمـسـاك بكل الخيوط داخــل بــاده كما كــان. كما أن الـشـارع اإليـرانـي الــذي تلظى بنيران العزلة، والعقوبات، والـحـروب الخاسرة في سورية واليمن ولبنان والعراق، لن يمنح صوته لرئيس سابق يتوهم القدرة على إلحاق الهزيمة بجميع الدول وهو «املكروه» في باده! األكيد أن سياسات نظام املالي اإلجرامية لن تنتهي بني يوم وليلة بموت الشيطان خامئني ألن أمثاله في النظام اإليراني كثر، واملنفذون لسياساته كثر أيضًا.. ولكن وفاته ستضعفه نفسيًا وستضعف البناء الهيكلي للنظام
وتشخيصه وستدب بني رؤوسه خافات عدة!.