أشواك حصة لتعليم احلنكة
مــســيــرة الــحــيــاة قــائــمــة عــلــى الــتــفــاؤل، وأي إحــبــاط يـمـكـن لــه أن يـسـقـط أحـــام وكفاءة جيل بأكمله. ومـــــع أن الـــنـــصـــوص الــديــنــيــة تــنــهــانــا عن (الـــطـــيـــرة) إال أنـــنـــا نـــمـــارس هــــذا اإلحباط بإسراف مقيت.. ومع وجود أدوات تواصل لم يعد هناك من حائل بني الكلمة وصاحبها، فالكلمة املحبطة التي تخرج ال تعود بخير ســـواء حـــاول صاحبها نفيها أو رتـقـهـا أو تجميلها، فـــإذا كــانــت املـقـولـة -فــي العهود الــســحــيــقــة- يـحـمـلـهـا الــركــبــان إلـــى أقاصي الدنيا في أسابيع وشهور، فإن أي كلمة تقال اآلن يتم تعميمها بضغطة زر. و(ضـــغـــطـــة الــــــــزر) هـــــذه كـــــان لـــهـــا ضحايا مختلفون، ويـاحـظ أن وزراءنــــا هـم األكثر تـورطـا مـن خـال تصريحاتهم غير املتزنة التي تتحول خال لحظات إلى مادة كامية تنثر اإلحباط على مساحات أوسع.. وخال فـتـرات متقاربة تنافس الـــوزراء فـي تطيير كلمات اإلحباط في سماء البلد حتى لم يعد هناك من مواطن إال وتسلم نصيبا وافرا من التشاؤم. وألن الوزير يفترض به اإلملام بما سيحدث كونه يمتلك نتائج الـدراسـات والتوصيات ملـا سـوف يــؤول إليه األمــر، فمن الـواجـب أن يــكــون حـصـيـفـا فــي تــمــريــر املــعــلــومــة مهما كانت سيئة، فالسوء ليس في الخبر وإنما فـــي طــريــقــة نــــشــــره... ولـــذلـــك قــيــل (املافظ سعد). وهــــنــــاك عــــشــــرات الـــقـــصـــص الـــتـــي توصي باختيار املــفــردة األقـــل ضـــررا على النفس، ومـن تلك القصص أن سلطانا من ساطني الزمان رأى في ما يرى النائم سقوط جميع أسنانه إال سنا واحـــدة، فـأخـذ يـسـرد حلمه على وزرائــه منفردين، وجميعهم قالوا له: ســوف يـمـوتـون جميع أهــل بيتك وستبقى أنــــت.. وبـسـبـب هــذا التفسير غـضـب غضبا شـــديـــدا وأمـــــر بــقــتــلــهــم جــمــيــعــا، وبـــقـــي من وزرائـــــه وزيـــر ذو حـنـكـة ولــطــف فــي القول، فجاء به وسرد عليه حلمه قائا: رأيت فيما يرى النائم سقوط جميع أسناني وبقيت لي سن واحدة فما تفسيرك لهذا الحلم، فانبرى الوزير الحكيم قائا: - يا سلطان الزمان والعصر واألوان أبشرك أنــــك ســــوف تـــكـــون أطـــــول عـــمـــرا بـــني جميع أهلك. فاستحسن الـسـلـطـان ذلــك التفسير ورفعه مكانا عليا. لــــذا لــيــت وزراءنــــــــا يــتــعــلــمــون جمال وروعة املثل العربي: املافظ سعد بدل مـن أن (يغثونا) يوميا بتصريحات تــذهــب بـالـطـمـأنـيـنـة إلـــى مــكــان غير آمن.