«أم القنابل» وما بعدها

هل هناك احتمال بنهاية هذا العالم وفناء الكائنات الحية وتدمير كوكبنا البائس الذي مأله اإلنسان بالشرور والحماقات القاتلة. هذا السؤال قد يبدو مبالغا في التشاؤم، لكن أيـن هي مصادر التفاؤل التي تمد اإلنسان بشيء من األمل، في خضم املفاجآت التي أصبحت تتوالى بسرعة تصعب مالحقتها، وتحمل األسوأ معها كل يوم. تبدو األمور مخيفة بالفعل هذه الفترة ألن التوتر يسود العالم، وشبح املواجهات الكارثية قد يكون احتماال ممكنا، طاملا يوجد انفعاليون وحمقى يسيرون شؤون العالم ويقررون ما يشاؤون. الرئيس دونالد تـرمـب قــرر إخـــراج شيطان املـــوت املسمى «أم الـقـنـابـل» مــن مخبئه وإطالقه في أفغانستان لتجربة قدرته على التدمير باستخدام عينة بشرية نخرها بــؤس الـحـيـاة لتموت أيـضـًا بأكثر الـوسـائـل بؤسًا. أم القنابل تمثل تدشينا ملرحلة جديدة من محاوالت فتك اإلنسان بجنسه البشري؛ ألنها األشد فتكا في صنف القنابل التقليدية منذ اختراع القنبلة. موت زعاف يزن أكثر من عشرة أطنان، وحني يهبط على األرض ينتشر في مساحة واسعة ليبيد كل ما عليها. وتهون أم القنابل أمـام ما قد يحدث إزاء توتر عاملي شديد، تسبب فيه الفتى السمني املعتوه الذي يحكم كوريا الشمالية، ويدير لعبة املوت فيها بطريقة سادية بشعة، تطال كل من يشك فيه وال تستثني أحـدًا. هذا الفتى املغرم بتجرع كميات كبيرة من النبيذ كل يـوم، لم يعد يبالي بشيء، ولـم يؤثر فيه التعليم الــذي تلقاه في سويسرا، نموذج السلم والتعايش واحترام الحياة. بدأ قبل أيام تدشني تجارب نووية استنفر بسببها بلده التعيس، وجعل سكانه يعيشون مرحلة االستعداد الحتمال املوت الجمعي، وفي الجانب اآلخر استثار توتر واستعداد وترقب القوى الكبرى التي تعيش حربا سياسية بينها، قد يحولها إلـى صــدام مباشر أبسط سبب، في ظل حالة االحتقان الشديد. تحركت األساطيل األمريكية باتجاه شبه الجزيرة الكورية، وروســيــا تـراقـب وتستعد، والتنني الصيني يجول بعينيه فـي كل االتجاهات ويتأهب بطريقته الخاصة، والدول التي تدور في فلك كل واحدة من تلك القوى تستعد أيضا لالنضمام إلى قطبها في حالة املواجهة. هذا الوضع الخطير ال يمكن اعتباره ضمن سياق الحرب الباردة؛ ألنــه يـقـوم اآلن عـلـى أرضــيــة ملتهبة وتــوتــرات شــديــدة وحسابات معقدة لألزمات القائمة في ساحات التصفيات بني القوى املتصارعة على النفوذ، وفي لحظة حماقة شديدة قد تتفجر األوضاع وتخرج أسلحة الفناء الحقيقي التي باستطاعتها في لحظات أن ترفع لوحة على كوكبنا املدمر تقول: كان يا ما كان، يوجد هنا بشر.