Okaz

عودة لهروب الفتيات

-

منذ فترة ليست بالقصيرة وأنا أكتب عن (هروب) الفتيات وكان آخر مقال في هذا الخصوص هروب فتاتني سعوديتني إلى كوريا، وقد أعادني للكتابة فــي املــوضــو­ع نـفـسـه قـصـة الــفــتــ­اة الـسـعـودي­ـة التي أضــمــرت الــوصــول إلــى أسـتـرالـي­ـا، ثــم طلب اللجوء السياسي لوال أن تمت استعادتها من مطار مانيال. وفي كل عملية هروب داخلية أو خارجية تتحد في الهروب، لكن لكل حالة منها ظرفيتها الخاصة إذ ال يمكن الحكم على الفتاة أو األسرة وأيهما املتجني. وقـد سبق أن كتبت (أن ملف هــروب الفتيات ملف قديم تحمله شرط املحافظات كحاالت فردية لم يتم إيـجـاد الحلول ملعاناة كـل فتاة هـاربـة، إذ اكتفينا بتسليم الـفـتـاة الــهــارب­ــة إلــى ذويــهــا بـعـد إجراءات يمكن الــقــول عنها إنــهــا تـتـم مــن أجــل إبــــراء الذمة للجهة املسؤولة عن إيواء الهاربة). وسـواء كان الهروب في الداخل أو إلى لخارج، فإن هــذه العملية فــي تــزايــد وقــد تظهر مسببات على السطح، إال أن أهمها: العنف، ســواء كـان لفظيا أو جسديا، ويأتي االعتالل االقتصادي لألسرة كمحفز رئيس في ظل التكلفة الباهظة للحياة، خصوصا أننا خلقنا طابعا استهالكيا لدى الناس (تحديدا الفتيات)، فأصبحت كثير من األسر غير قادرة على جلب كل احتياجات البنت الـواحـدة، كيف إذا كان في البيت الواحد أربع أو خمس بنات... وإن كان هذا السبب ال يتم التركيز عليه، إال أن الواقع يشهد أن املسير لقاطرة الهروب كونه يمثل املحطة األخيرة بـــني االكــتــف­ــاء الـــذاتــ­ـي وبـــني الـــخـــر­وج إلـــى األحالم الوردية للحصول على كل امللذات واالحتياجا­ت. أمـا الفتاة التي تهرب ولديها استقالل مــادي (من خـــالل وظـيـفـة أو الـبـحـث عــن وظـيـفـة فــي الخارج) فـهـذه النوعية تمثل نسبة مــا، وهــي النسبة التي تحاول الهروب من األسرة بصور متعددة قد يكون أيسرها االنتقال إلى بيت خارج بيت األسرة. وهــــــذا املــــوقـ­ـــف تـــقـــف اعـــتـــر­اضـــا عــلــيــه األســـــر­ة مـجـتـمـعـ­ة أوال رفـــض مــبــدأ اســتــقــ­اللــيــة الفتاة واعتبار أي فعل خـارج نطاق بيت األســرة يعد فعال فاضحا، ومثل هذه النوعية يكون معظم الهاربات إلى الداخل (مدن غير مدنهن األصلية) أما الهاربات للخارج فهي فكرة قاصرة النظر تماما ومضرة جدا بحياة الفتاة التي تقرر مثل هـذا الـقـرار، وقـد ذكــرت سابقا أن فكرة الهروب لــلــخــا­رج فــكــرة فـاشـلـة وســبــب فشلها تضاعف االحتياج املادي بنسب عالية جدا، وهذا يتطلب وجود مصدر مالي يأتي من خالل العمل ونادرا أن يـجـد أجـنـبـي عـمـال فــي الـــدولــ­ـة املستضيفة لــوجــوده كسائح أو ملجأ مما يـعـرض الحياة اليومية إلى احتياج دائم في كل شيء ولن تجد الهاربة قطرة املاء. إذًا، موضوع هذه املقالة يعيدنا إلى قضية هروب الفتيات كملف ضـاغـط اجتماعيا، فـالـواقـع يؤكد أن الجهات املعنية لـم تمنحه العناية الكافية من إيجاد الحلول تنظيميا وقانونيا واجتماعيا.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia