° å»dF « 5O×O *«ò vKŽ ÕU²H½ô«
املبادرة السعودية باالنفتاح على الكنائس الشرقية واحدة من االنعطافات السياسية الذكية، رغم أن الرياض لم تكن خصما ملسيحي الشرق أبدا، إال أنها واحدة من أكثر التحركات الدبلوماسية لفتا لالنتباه. خالل «أبريل» الجاري، قام األمير السعودي خالد بن فيصل بن تركي آل سعود، سفير السعودية لدى األردن، بزيارة لكل من كنيستي مطرانية الـــروم األرثـــوذكـــس، والـنـيـابـة البطريركية الـعـامـة لـلـمـوارنـة فــي عمان، حسبما ذكرت وكالة األنباء األردنية، بترا. زيارة لم تستغرق ساعة كاملة، لكنها حملت مضامني مهمة، واستدعت تاريخا يمتد ألكثر من ألفي سنة مسيحية، وألف وأربعمئة سنة مسلمة، مليئة بحسن الجيرة، والشراكة في األرض، والتوجه لرب واحد. هــذا االنــفــتــاح عـلـى الـكـنـائـس الـشـرقـيـة، يـقـول الــتــالــي: إن أكـبـر حاضنة لــﻺســالم، ومهبط الحرمني الشريفني، ومـهـد اإلســـالم األول، ليست ضد الوجود املسيحي العربي األصيل في هذه املنطقة املضطربة من العالم. بل إن املسيحيني، مكون أساس وليس طارئا أبدا، والعالقات االجتماعية واالقــتــصــاديــة واملــصــاهــرات بــني املسلمني واملـسـيـحـيـني الــعــرب، عميقة وقديمة. واإلســــالم يـــرأف بــأهــل الـكـتـاب واملـمـلـكـة انـطـالقـا مــن دورهــــا اإلسالمي، تتعايﺶ مع هذا الوجود، وتساعد على توثيق العالقات بني كل املكونات، وهي بالتالي ترفض كل األفكار الرجعية، القائمة على العداء للمسيحيني، ولغيرهم من األقليات، أو محاولة استئصالهم وتهجيرهم. خاصة استشراء املـشـروع الــذي تنفذه داعــﺶ في بعض الــدول العربية، ومــن قبلها تنظيم الـقـاعـدة، اللتان تتبنيان خطابا إرهابيا تهجيريا قاتال، يرفض الـوجـود املسيحي، ويعتدي على األنفس واألمــوال ودور العبادة، ويضع على رأس أولوياته استئصالهم، كما حدث مع مدن شرق السويس املصرية قبل أسابيع، ومن قبلها سورية والعراق. املـــوقـــف الــثــانــي الــــذي يــعــزز اإلســتــراتــيــجــيــة الــســيــاســيــة لــلــريــاض، كان املوقف الصارم ضد الهجوم اإلرهابي الـذي مس الكنائس القبطية في مصر، والــذي تجاوز كونه بيانا دبلوماسيا معتادا، تقتضيه األعراف الــدبــلــومــاســيــة، إلـــى انــحــيــاز كــامــل لـﻺنـسـانـيـة، ورفـــض املــســاس بحياة األبـريـاء، والوقوف بصرامة، مع الدولة املصرية، في حمايتها لشعبها املسلم والقبطي. بالطبع هــذا مـوقـف الــريــاض الــدائــم والــثــابــت، إال أنـهـا أرادت أن تؤكد املؤكد، بتصعيد اللهجة ضد العمليات اإلجرامية، حتى إن هيئة كبار العلماء، وهي أعلى مرجعية دينية في اململكة، دخلت على الخط، وأدانت بشدة، الجرائم املوجهة للعباد في كنائسهم، ووصفتها باملنافية للدين واإلنسانية. الـسـعـوديـة تبني خـطـا سياسيا مــوازيــا لـخـط الـتـحـالـفـات االقتصادية مـع الـقـوى الكبرى فـي العالم، هـو خـط عـروبـي، يضمد جــراح األقليات، ويعطيها ضـمـانـات الـبـقـاء، ويــقــود املنطقة للتسامح، ويـبـنـي الثقافة الالزمة لذلك. مسيحيو الـشـرق بكل تقسيماتهم، ومـنـاطـق انـتـشـارهـم، جــزء أصـيـل ال يمكن إغفاله أو التعدي عليه، بل إن معظم العرب املسلمني اليوم، خاصة فـي الـشـام والــعــراق وفلسطني ومـصـر، هـم مـن أصــالب املسيحيني الذين عاشوا في تلك املناطق. والعالقة بني مسيحيي العرب، ومسلميه، ال يمكن اختصارها في الجيرة، والتعايﺶ، بل إن البالد العربية بناها املسيحيون واملسلمون على قدم املــســاواة، وهــذا الــدم املسيحي الــذي غمر سـاحـات الـقـتـال، ودفـاعـهـم عن أوطانهم ال يمكن نسيانه، بـدءا من الوقوف ضد التتار، مـرورا بحروب االستقالل، وانتهاء بموقف كنائس فلسطني من إسرائيل، ووقوفهم مع أشقائهم املسلمني ضد تهويد وطنهم. لقد أصبح من امللح أن تقود دولة بحجم وأهمية السعودية، هذا الشرق املــلــيء بــالــخــراب والـــــدول الــفــاشــلــة، ملــزيــد مــن الـتـسـامـح والــتــعــايــﺶ مع األقليات، وحماية البقية، من مشروع صدام الحضارات، الذي يسعى إليه املتطرفون، الستجالب، حـرب عظمى، تدفع مسيحيي الغرب لتخليص مسيحي الشرق، من اعتداءات الغالة.