.. ولعبة شد احلبل مع روحاني
لم يكن انتقاد الرئيس اإليراني حسن روحاني للحرس الثوري من البوابة االقتصادية وليد الصدفة مطلقًا، بل إن ولوج املسلك االقتصادي فـــي خـــطـــابـــات كـــافـــة املـــرشـــحـــني لانتخابات الرئاسية في نظام املالي بات عملة رائجة، ظنًا منهم أنها طريق ممهدة للوصول إلـى قلوب الـنـاخـبـني. وإن كــان روحــانــي شـديـد املباشرة في ولوج الهموم االقتصادية عند اإليرانيني، مـــن خــــال وضــــع أصــبــعــه عــلــى جــــرح األزمــــة املتمثلة بهيمنة الحرس الثوري على مفاصل االقتصاد، فإن أحمدي نجاد ممثل املتطرفني فــي لعبة املــالــي أدلـــى بــدلــوه أيـضـًا فــي هذا املجال، لكن عبر مقاربة مختلفة عن روحاني، إذ أكــــد بــمــا يــشــبــه الــدعــابــة أن ال أزمــــة بني إيـران والواليات املتحدة األمريكية، وبشكل دقـيـق قـــال: «الــواليــات املـتـحـدة األمـريـكـيـة ال تستهدف إيــران»، وكأنه يقول للناخبني إن تحسني الــعــاقــات األمـريـكـيـة اإليــرانــيــة هي بوابة اإلصــاح االقـتـصـادي، ونجاد أراد أن يقول لهم انتخابي لن يضر بمسار العاقة مع أمريكا أو «الشيطان األكبر» كما يحلو للمالي أن يطلقوا عليها. عندما يمسك املرشحون للرئاسة في االنتخابات اإليرانية شماعة االقتصاد، ويرمون خلف ظهورهم كل الشعارات الثورية، من تحرير القدس، إلى املوت ألمريكا، وصـوال إلى الدعوة إلبـادة إسرائيل، فإن ذلك مؤشر على اإلفاس الثوري، وأن منظومة املالي باتت تسعى الستعادة ما ال يمكن استعادته، وهي تعاطف الناس معها، أو أقله أكثرية الناس. اإلفاس يضرب نظام طهران من رأسه إلى أخمص قدميه إن على صعيد الخطاب الـثـوري وهـو ما بـات مفضوحًا، فا الشيطان األكبر بقي شيطانًا وال تحرير القدس أوصلهم إلى قبة الصخرة، بل باتت أمريكا في عهد أوباما حليفة، وتعقد معها الصفقات، وانتقلت القدس إلى حلب، وتحول الصهاينة إلى أطفال ونساء تهدم فوق رؤوسهم املساجد في حمص وإدلب. االنتخابات الرئاسية اإليرانية هي ورقة التوت التي ستسقط عن نظام يكذب ثم يكذب ثم يكذب، مراهنًا على أن الناس ال بد أن تصدقه في النهاية.