Okaz

التعليم املتعصب !

- علي مكي @ali_makki2

يـقـول الـخـبـر إن «وزارة التعليم وزعـــت تعميمًا على إداراتها في جميع مناطق اململكة، شرحت بدوره آليات البرنامج الذي ستتبعه أثناء الفترة املقبلة بشأن تنفيذ دروس التربية البدنية والوقاية من التعصب الرياضي املشتمل على تكوين لجنة ملتابعة تنفيذ آليات الوقاية من التعصب الرياضي في املدارس».. (انتهى) أضــحــكــ­نــي الـــخـــب­ـــر، ألن وزارة الــتــعــ­لــيــم تــنــاســ­ت أو تـجـاهـلـت الـتـعـصـب األم أو األكــبــر كـمـا أراه، وذهبت لـكـرة الــقــدم ومـيـوالتـ­هـا املختلفة والطبيعية. تمتلئ مدارسنا بالتعصب الديني واملذهبي وهـو (أس) كل تعصب وجـــذر كــل عـنـف، وكـــان أولـــى على الــــوزار­ة أن تضع برنامجًا تطبيقيًا نوعيًا يحارب هـذه الظاهرة الخطيرة املنتشرة فـي مـــدارس التعليم الــعــام، والتي تــقــوم عــلــى الــتــعــ­صــب الــديــنـ­ـي والــتــصـ­ـنــيــف واإللغاء واإلقصاء والطعن في النوايا واملعتقدات. اتجاه واحد وعقلية واحدة ودرب واحد، وما سوى ذلك فهو ضال وكـفـر وحـــرام. هـكـذا تصبح تعاميم ومــبــادر­ات وزارة التعليم كلها حبرا على ورق بما فيها تعميم التعصب الــريــاض­ــي األخــيــر وقـبـلـه املـــبـــ­ادرات الـشـكـلـي­ـة لبرامج أخرى مثل فطن وغيره. تـنـاولـت مــرة حـــاالت العنف الجماهيري الـتـي تتكرر حتى من أنصار الفريق الفائز في مباريات كرة القدم، بل وفي حاالت من املفترض أنها فرائحية لكنها فجأة تتحول إلــى شـغـب، كما هـو حـاصـل فـي أعـقـاب بعض نزاالتنا الكروية، بل إن هذه الحالة الاعقانية سادت حتى في مناسبة يومنا الوطني في السنوات األخيرة!! وأتــســاء­ل هـل مـن املمكن أن نعد مـا يـحـدث ناتجًا عن تأثيرات (الهوس) الجماهيري بكرة القدم؟ مـنـطـقـيـًا، يـسـتـحـيـ­ل أن تــكــون اإلجـــابـ­ــة بــــ(نـــعـــم)، لكن األعجب واألشد غرابة هو عندما يحتفل أنصار فريق محلي بتجاوز نده فيؤدي ذلك االحتفال إلى (شغب) يضر ببعض الناس واملمتلكات كما حصل وتكرر أكثر من مرة في فترات سابقة قريبة وبعيدة! هذه الوقائع تحرض على تساؤل متكرر: كيف يكون (الفرح) طريقًا لألذى، أو ما الذي يحوله إلى ذلك؟… التفسير الظاهري لتحوٍل (ملتبٍس) كهذا، ال يقود إلى غضب جماهيري كان كامنًا في الاشعور، ال يذهب التفسير إلى منطقة أبــعــد مـــن (الــتــعــ­صــب) إذ هـــو الــســبــ­ب املـــغـــ­ذي للحالة الـثـانـيـ­ة: فـريـق هــزم آخـــر، فـخـرج أنــصــاره إلــى الشارع يمارسون أحقيتهم في التعبير عن سرورهم الذي ربما اتخذ أشكاال استفزت مشجعي الفريق الخاسر، إذ إنه يكفي أن يتفوه مشجع مبتهج بكلمة متهكمة تنال من النادي املنافس ومن العبيه النجوم في حضرة أنصاره الحزانى، لتندلع الحرب… شرارة بسيطة وصغيرة ال يكلفها غير هـتـاف هـامـس حتى تـهـرول الـنـار وتشب نفسها في وسطهم. مثل هذا الوضع طبيعي جدًا، كما قلت، فـي ظـل إعــام ريـاضـي (يــدعــي) الـوعـي ويوصي به كتعليمات مزركشة وشعارات براقة تنبذ التعصب وتحتقره فيظل شعارًا خارج املمارسة والتطبيق! مـحـاربـة هــذه الـظـاهـرة ريـاضـيـًا مطلب مـهـم، واتخاذ التدابير األمنية سيقلل وربما يحد منها في هذا املجال، بيد أنها لن تنتهي طاملا نصر على ربطها بالتعصب الــكــروي وحـصـرهـا فــي دوائــــره تبعًا للمناسبة، التي لــيــســت ســــوى غـــطـــاء مـــخـــاد­ع مــخــاتــ­ل (يــــمــــ­وه) علينا ويضللنا عن الرؤية (لنغفل) عن املسببات الحقيقية، سواء بعمد أو جهل ال يهم، تاركني لهذه األسباب/ الداء، حرية التنزه فـي بستاننا الجميل، تغرس فـي تربته بذور العقم والتشويه فتتضاعف مشكاتنا وتتنامى أضرارها يومًا بعد يوم، لنقطف الحنظل ونتجرع املرارة ثم نجأر بالصراخ كعادتنا.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia