األتراك العرب
لم تعد اآلراء السياسية مجرد آراء عابرة أو اجتهاد دنـــيـــوي فـــي أمــــر ال عـــاقـــة لـــه بــالــديــن وال باليوم اآلخـــر، بـل أصبحت عند بعض الحزبيني تقتضي الــــوالء والـــبـــراء، وتـقـتـضـي وجـــوب االحــتــســاب على أصحابها، ممن كانت آراؤهـم السياسية بعيدة عن الــوالء لحزب (املقطم)، فيفنون ساعاتهم بماحقة خلق الـلـه لاحتساب عليهم، وإقـنـاعـهـم جـبـرا بأن ينضموا لقوافل الهائمني بحزب العدالة والتنمية، واملــتــيــمـني بـتـركـيـا بــكــل مــا فـيـهـا مــمــا ال يرتضون بعضه فــي بـلـدانـهـم األم، فـكـل مــا هـنـاك هــو جميل يستحق اإلشادة، أما في بلدانهم فهو قبيح وحرب على الـلـه ورســولــه، ويـجـب أن تـؤمـن بـهـذه املعادلة حتى تسلم مــن غـــارات االحـتـسـاب مــن ذوي الهوى التركي، وال تخرج عن النص قيد أنملة، وإن فعلت فيجب عليك أن تعلن توبتك على رؤوس األشهاد حــتــى تـنـعـم بــراحــة الـــبـــال، وإن لــم تـفـعـل فستكون هدفا لحملة ال قبل لك بها، تقصف بكل اتجاه وفي كل مكان، ســواء في العالم االفتراضي أو في عاملك الحقيقي، وستكون ضحية لعملية تشويه منظمة تهدف إلسقاطك اجتماعيا، ال لشيء، إال ألنك تعتقد بـرأي (سياسي) ال يـؤذي أحــدا، ولـن يسأل عنه أحد سواء في الدنيا أو في اآلخـرة، ولن يؤثر على دولة أو يسقط نظاما سياسيا، وقبل ذلك وبعده؛ هو رأي في نظام سياسي أجنبي وقضايا خارجية ال عاقة لها بهذا الـوطـن الــذي تجمعنا رابطته وتــرابــه، إال أننا نصر في كل مـرة أن نختلف ونتشرذم؛ بسبب آراء ســيــاســيــة فـــي قــضــايــا خــارجــيــة، والـــكـــارثـــة أن نصنف الناس بناء على مواقفهم في تلك القضايا الخارجية، ال على أعمالهم ومنجزاتهم الوطنية، فكل ما كنت قريبا من أفكار ومعتقدات حزب املقطم، فأنت وطني شريف، وبقدر ابتعادك عنها ستبتعد عن ذلك الوصف، وقد قال أجدادنا قديما (السامة ال يعدلها شـــيء)، لــذا فــإن أفـضـل تعامل مــع قوافل املحتسبني الغيارى على دولــة تركيا الصديقة؛ أن تعلن توبتك بعد كل رأي ال يروق لهم، وال لقيادتهم، ألن العمر أثمن من أن تمضيه في نقاش مع شخص باع عقله وأجر جمجمته.