القاهرة والرياض.. عالقة أقوى من املغالطات
تتعرض العالقات السعودية املصرية الستهداف ممنهج من قبل جبهتني أو فريقني، هما تنظيم اإلخوان بكوادره واملنتمني لفكره داخل مصر وخارجها بواسطة تنظيمه الدولي وأذرعته اإلعالمية التي تمارس نشاطها بشكل مباشر أو غير مباشر، وكذلك بعض املحسوبني على الــوســط الثقافي واإلعــالمــي فــي الشقيقة مصر -وهــم قلةاملصابني بشوفينية شديدة وبعقدة الشك في أي شكل من أشكال العالقة الطبيعية بني البلدين، وإذا كنا نفهم أسباب حنق اإلخوان ومحاوالتهم الدؤوبة لتسميم هذه العالقة، فإنه يصعب استيعاب الـدور الضار الذي تمارسه قلة من اإلعالميني دون مبررات أو مسوغات أو استناد إلى معلومات صحيحة، وربما كان تناول بعضهم للحوار األخير للناطق الرسمي باسم التحالف العربي إلعــادة الشرعية في اليمن اللواء أحمد عسيري في قناة العربية، عندما أشــار إلـى بعض املعلومات املتعلقة بـدور مصر، ربما كان دليال إضافيا على عدم استيعاب خطورة مثل هذا التناول في هذه املرحلة الحساسة. ورغم ذلك، فإن قيادتي البلدين تثبتان باستمرار عدم صحة املزاعم التي يتم بثها بـخـصـوص الـعـالقـة املـصـريـة الـسـعـوديـة، وتــؤكــدان عمليًا تـهـافـت مــشــروع التأثير عليها، وأنهما أكثر نضجًا وأكبر وعيًا بأهمية استمرارها في أفضل حال. وقد كان لقاء امللك سلمان بالرئيس السيسي على هامش القمة العربية األخيرة رسالة شديدة الــوضــوح والــقــوة ملــروجــي الـشـائـعـات، ليأتي الــحــراك السياسي الـخـارجـي العربي واملصري على وجه الخصوص بعد القمة مباشرة تأكيدًا على أهمية التنسيق بني أكبر وأهم قطبني في الساحة العربية. واليوم تستقبل اململكة الرئيس املصري عبدالفتاح السيسي في زيارة دولة مهمة، يرافقه فيها وفـد كبير من املسؤولني، وقـد ذكـر بيان الرئاسة املصرية عن الزيارة أنها «تأتي في إطــار حـرص الجانبني على استمرار التنسيق املشترك، بما يسهم في تعزيز العالقات املتميزة بني الرياض والقاهرة في مختلف املجاالت، والتباحث بشأن سبل التعامل مع التحديات التي تواجه األمة العربية». واملتوقع أن يتم خالل الزيارة تفعيل عدد من أوجـه التعاون املتفق عليها سـواء خالل زيـارة امللك سلمان التأريخية ملصر، أو عبر مجلس التنسيق الوزاري املشترك بني البلدين، كما أنه من الطبيعي توقع مزيد من التنسيق والتفاهم حول القضايا الكبرى التي تنشغل بها األمة العربية، والتحديات والتهديدات واألخطار التي تواجهها. ستبقى عالقة السعودية ومصر أكبر وأقوى من كل املحاوالت لتلويثها باملغالطات، وعلى كل الوطنيني العقالء في البلدين من اإلعالميني واملثقفني وقادة الرأي التصدي لتلك املحاوالت وكشف عوارها وتحجيم من يقومون بها.