متد جسور املعرفة وتـنــ
السريحي يهجو الكتاب: يسلبنا براءة العيش العميم: الكتاب واملجالت واإلعالم صنعت ثقافتي
ﻓﻲ ﻟﻴﻠﺔ ﺭﺑﻴﻌﻴﺔ، ﺣﻤﻠﺖ ﻓﻲ ﻃﻴﺎﺗﻬﺎ ﻛﻞ ﻣﻌﺎﻧﻲ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ، ﺃﻃﻠﻘﺖ »ﻋﻜﺎﻅ« ﺃﻣﺲ )ﺍﻟﺴﺒﺖ( ﻣﻨﺘﺪﻯ »ﻛﻴﻒ ﺻﻨﻌﻨﻲ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ«، ﺍﺣﺘﻔﺎﺀ ﺑﺎﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﻟﻠﻜﺘﺎﺏ، ﺑﺤﻀﻮﺭ ﻧﺨﺒﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻦ ﻭﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﻭﺍﻟﻤﺒﺪﻋﻴﻦ ﻭﺍﻟﻔﻨﺎﻧﻴﻦ ﻭﺍﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻴﻴﻦ. ﻭﺃﻛﺪ ﺭﺋﻴﺲ ﺗﺤﺮﻳﺮ »ﻋﻜﺎﻅ« ﺍﻟﺰﻣﻴﻞ ﺟﻤﻴﻞ ﺍﻟﺬﻳﺎﺑﻲ ﻓﻲ ﻛﻠﻤﺘﻪ ﺍﻟﺘﺮﺣﻴﺒﻴﺔ ﺑﺎﻟﻀﻴﻮﻑ ﺃﻥ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺳﻴﻈﻞ ﺍﻟﻤﻌﻠﻢ ﺍﻷﻭﻝ، ﺭﻏﻢ ﺍﻧﺘﺸﺎﺭ ﻣﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ ﺍﻻ ﺟﺘﻤﺎﻋﻲ، ﻭﺍﻟﻤﻠﺘﻴﻤﻴﺪﻳﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎﻡ، ﻣﻀﻴﻔﺎ: »ﻧﺤﻦ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺴﺎﺀ، ﻧﺤﺘﻔﻞ ﺑﻜﻢ ﻭﺑﺘﺠﺎﺭﺑﻜﻢ ﻭﺑﻮﺟﻮﺩﻛﻢ ﻭﻭﺟﻮﺩﻧﺎ ﻭﺳﻂ ﻣﺜﻘﻔﻴﻦ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺠﻴﻞ، ﺃﻋﻄﻰ ﻭﻗﺪﻡ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ، ﺍﺳﺘﺤﻖ ﺍﻟﺘﻜﺮﻳﻢ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻨﺼﺔ.. ﺳﻌﻴﺪﻭﻥ ﺑﻤﺸﺎﺭﻛﺘﻜﻢ ﻗﻠﻮﺑﻜﻢ ﻭﻭﺟﺪﺍﻧﻜﻢ، ﻭﻛﺘﺎﺑﺎﺗﻜﻢ«. ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻟﺰﻣﻴﻞ ﺍﻟﺬﻳﺎﺑﻲ: »ﻟﻠﺤﻘﻴﻘﺔ، ﺣﺎﻭﻟﺖ ﺃﻥ ﺃﺭﺍﺟﻊ ﻣﺒﻴﻌﺎﺕ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻮﺭﻗﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﻤﻤﻠﻜﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ، ﻓﻔﻮﺟﺌﺖ ﺑﺄﺭﻗﺎﻡ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﻣﻮﺛﻮﻗﺔ، ﺧﺼﻮﺻﺎ ﺃﻥ ﺭﺻﻴﺪ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻓﻲ ﻣﻌﺎﺭﺽ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﻛﺜﻴﺮﺓ، ﺳﻮﺍﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻴﻞ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪ، ﺃﻭ ﺍﻷﺟﻴﺎﻝ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ، ﻓﻴﻤﺎ ﺗﻈﻞ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ ﻫﻲ ﺍﻟﻤﺜﻴﺮﺓ ﻓﻲ ﻣﺎ ﻳﺘﻨﺎﻭﻟﻪ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ«. ﻭﺃﺿﺎﻑ: »ﻭﻟﻬﺬﺍ ﻓـ»ﻋﻜﺎﻅ« ﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺔ ﻭﺍﻟﺼﺤﻴﻔﺔ ﻭﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﺗﺠﺰﻝ ﺍﻟﺸﻜﺮ ﻭﺍﻟﺘﻘﺪﻳﺮ ﻭﺍﻻ ﺣﺘﺮﺍﻡ ﻭﺍﻟﻤﺤﺒﺔ ﻟﻜﻞ ﻣﻦ ﺣﻀﺮ، ﻭﺃﺗﻤﻨﻰ ﺃﻥ ﻧﻈﻞ ﻓﻲ »ﻋﻜﺎﻅ« ﻧﻬﺘﻢ ﺑﺎﻟﻜﺘﺎﺏ، ﻭﺑﺼﻔﺤﺎﺕ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺑﻮﺟﻮﺩ ﺍﻟﺰﻣﻴﻞ ﺳﻌﺪ ﺍﻟﺨﺸﺮﻣﻲ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﻘﺴﻢ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ، ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺘﻀﻤﻦ ﺻﻔﺤﺎﺗﻪ ﻣﻌﺎﺭﻙ ﻭﺟﺪﻟﻴﺎﺕ ﻳﻮﻣﻴﺔ، ﺗﺨﺘﻠﻒ ﺑﺎﺧﺘﻼﻑ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﻭﺍﻟﻤﻌﻄﻴﺎﺕ«. ﻭﺷﺪﺩ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻻﺧﺘﻼﻑ ﻇﺎﻫﺮﺓ ﺻﺤﻴﺔ، ﻃﺎﻟﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﺇﻃﺎﺭﻩ ﺍﻹﻳﺠﺎﺑﻲ، ﻣﻌﺎﻭﺩﺍ ﺗﺄﻛﻴﺪﻩ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺳﻴﻈﻞ ﻫﻮ ﺍﻟﻨﻤﻮﺫﺝ ﺍﻷﻫﻢ ﻟﻮﺻﻒ ﺣﻀﺎﺭﺗﻨﺎ: »ﻣﺎﺫﺍ ﻧﻜﺘﺐ، ﻭﻛﻴﻒ ﻧﻔﻜﺮ، ﻭﻣﺎﺫﺍ ﺃﻧﺠﺰﻧﺎ، ﺃﻫﻼ ﺑﻜﻢ ﻓﻲ »ﻋﻜﺎﻅ«، ﻓﺤﻀﻮﺭﻛﻢ ﻳﻀﻴﻒ ﺇﻟﻰ ﻣﺴﻴﺮﺗﻨﺎ ﺍﻟﻤﻬﻨﻴﺔ«.
وفـــي أولــــى فــعــالــيــات املــنــاســبــة جــــاءت نــــدوة «كيف صـنـعـنـي الـــكـــتـــاب؟» وتـــحـــدث فــيــهــا مــحــمــد علي فــــرحــــات وســـعـــيـــد الـــســـريـــحـــي وعلي العميم وعبده خال، وأدارها الزميل هاشم الجحدلي. استفتح كلمته سـعـيـد الـسـريـحـي الــتــي حملت عــــنــــوان «فـــــي هـــجـــاء الكتاب» بقصة تهجو الـــقـــراءة، ليخرج مــنــهــا بــتــعــريــف «فـــعـــال يفضي إلــــــى حــجــبــنــا عــــن رؤيـــــــة الواقع الذي نحياه، ويحد من قدرتنا على التعايش مع هذا الواقع بما يغرينا به من عالم افتراضي نتوهم أنـه يجعلنا أكثر قدرة على تفهم الواقع، بينما هو يسلبنا براءة التعايش ودهــشــة الـتـجـربـة الـتـي يحظى بـهـا أولــئــك الــذيــن نــراهــم ال يقرأون ونظن أنهم ال يتفهمون الواقع بنفس درجة الوعي الــتــي نتفهمها بـــه، مـتـنـاسـني أنــنــا ال نـمـلـك الــســعــادة التي يمتلكونها». وقال السريحي «إنه وحني ال يكون لنا مناص من مواجهة هذه الحقيقة ال نجد ما نعبر به عن إحساسنا بالحسرة إال أن نستعيد بـيـت املـتـنـبـي (ذو الـعـقـل يـشـقـى في النعيم بعقله)، وما كان لذلك العقل أن يصبح سببا للشقاء لوال أنه وليد القراء ة التي حجبته بعمى حرمه متعة الحياة فلم ير فيها إال شقاء». وأضـــاف «حـسـنـا.. أعــرف أنـكـم قـد تعتقدون أن آخر مناسبة يمكن أن يقال فيها ما قلت هي هذه املناسبة التي يحتفي فيها العالم بالكتاب وبالقراءة، غير أني أعتقد أنها هي املناسبة املثالية لقول ذلك، فإذا لم يكن لنا بـد مـن أن نهجو الكتاب فلنفعل ذلـك في حضرته، في يـوم عرسه، وعلى طريقة البدو الذين يختارون أفراح خصومهم لنيل الثأر منهم». وتساءل السريحي قائال«هل ثمة ثأر بني الذين وقعوا في براثن القراءة والكتاب؟ أعرف أنه ليس بمقدوري أن أقنعكم بحجة جامعة وأعرف أنكم لن تغفروا لي هجاء الكتب ما دمتم ترون أن هذه الكتب هي التي طورت البشرية وصنعت التقدم، ولكم الحق في رؤية ما ترونه، غـيـر أنـــي أتـمـنـى عليكم أن تــتــذكــروا أن كــل الكتب منذ أول سطر محفور على جـدار الكهف حتى آخر سطر مرقوم على الحاسب اآللي، لم تستطع أن تنقذ البشرية مما نـراهـا عليه الـيـوم، إذ يتقاسمها الفقر والجوع واملرض والقتل والتشريد واإلرهاب واألنظمة الفاسدة». فيما سرد علي العميم قصة البدايات الصحفية بـعـد أن دفــعــه ولــعــه بـاملـهـنـة لـلـتـوجـه إلى دراســـــــة الـــصـــحـــافـــة، لـــيـــبـــدأ بـــعـــدهـــا في الــتــحــقــيــق الـــصـــحـــفـــي الـــــــذي مـــهـــد له الطريق إلى مجلة اليمامة، ويقول «في أثناء دراستي الجامعية وبداية عملي الصحفي في مجلة (اليمامة) وبعدها فــي ســنــوات احــتــرافــي مهنة الصحافة في جريدة (الشرق األوسط) لم أكن أتوقع لنفسي أن أكون في يوم من األيام باحثًا». وقال عن القراءة «هي بالنسبة لي شغف وهواية وبــمــرور سنني الـعـمـر، أصبحت عــادة ال أستطيع االنفكاك منها أو االستغناء عنها»، مؤكدًا: لسنني طويلة كنت أقرأ في كل شـيء وعـن أي شـيء حتى الكتاب الــرديء كنت أقــرأه، ولقد تجاسرت فقرأت بعض الكتب العلمية، مع علمي بأنني كنت رديئا في فهم املواد العلمية، على نحو متفوق!. واستدرك العميم عن مقولته في قراءة كل شيء وعن كل شيء قائال «أقلعت إلـى حد كبير عن ذلـك في املنتصف األخير من تسعينات القرن املـاضـي، ومـا عـدت أقــرأ في موضوعات تبني لي أن موهبتي ضعيفة فيها»، مرجعًا بداية تفكيره بأن يكون بـاحـثـًا إلـــى الــفــتــرة بـعـد صـــدور كـتـابـه (الـعـلـمـانـيـة واملمانعة اإلسـالمـيـة: مــحــاورات النهضة والــحــداثــة) وهــو الـكـتـاب الذي جمعت فـيـه بـعـض لــقــاءاتــي الصحفية مــع مثقفني عـــرب املــنــشــورة فــي مـجـلـة الــيــمــامــة وجريدة الــريــاض والــشــرق األوســــط، مضيفا «لقد رأيــــت أن بــعــض الـــذيـــن كــتــبــوا عــنــه في بعض الصحف العربية أسبغوا علي صـفـة الــبــاحــث، وكــنــت وقـتـهـا أرى أن أعمالي الصحفية تقدمني على أنني صحفي مثقف، لكن لم أر أنني باحث، االستعداد كان موجودًا عندي لكنه كان مطمورًا». وفـي نهاية حديثه الــذي وصفه بـ «املكتوب على عجل» قال العميم «إن من صنع ثقافتي هو الـكـتـاب واملــجــالت الــدوريــة والفصلية والـشـعـريـة، واملجالت األسبوعية والتلفزيون واملذياع». واعتبر محمد علي فـرحـات عـنـوان الــنــدوة «ســـؤاال شـامـال قد يـسـتـغـرق الــجــواب عليه كـتـابـًا خــاصــًا، ألنــنــي مــن جـيـل يألف الـورق املطبوع، ويأنس به، ويتفاعل مع جمالياته في الشكل واســتــفــزازاتــه فــي املــضــمــون. ذلـــك كـــان قـبـل وســائــل التواصل