العميم.. أدمن العزلة.. وانحاز للفكر
ال يمكن أن يشرد ذهن القارئ، لوهلة أو يمرح بعقله في عوالم أخرى، وهو يتناول كلمات علي العميم، إذ تسكنه عبارات العميم املدججة بالنقد، واسـتـخـدامـاتـه اللغوية الدقيقة والـحـاذقـة فـي الـكـتـابـة، إذ يمتلك قـــدرات بحثية فصيحة، ويصفه الكاتب نشمي مهنا، بأنه «أخطبوط كتابة بأكثر من ذراع وقلم، وأوسع من جهة ولون»، ذلك الوصف الدقيق للعميم يجسد حال شخصية وهبت حياتها للثقافة والفكر.علي العميم الصحفي واملفكر واملثقف الذي انحاز في كتاباته إلى النقد املوضوعي، عرف كأكثر املثقفني السعوديني عزلة، رغم أنه تقلد مناصب رفيعة في مهنة صاحبة الجاللة في صحف عـدة، إذ عمل صحفيا في مجلة اليمامة، وزاول الكتابة في صحيفة الرياض، وصـحـيـفـة الــيــوم، وصـحـيـفـة االقــتــصــاديــة، ومـجـلـة املــجــلــة، وتفرغ للصحافة في صحيفة الشرق األوسط، كما عمل صحفيا وكاتبا في صحيفة الرياض، وعاد مجددا للكتابة الصحفية أخيرا في امللحق الثقافي بـصحيفة «عكاظ»، كأحد أعمدتها الثابتة. يحتار كثير من املراقبني في توصيف وتحليل تجربة العميم الثقافية، فمن قراءته املختلفة لألحداث جعلته منفردا في أفكاره والتقاطاته، وزرع عمله التحريري فـي بــالط صاحبة الـجـاللـة، تميز باللحظة الجنونية في نفسه، والــرأي املخالف للسائد، وتبدو كتاباته أكثر منهجية، مع قدر معرفي ال يستهان به، مقارنة بآخرين ممن غزوا املشهد الثقافي، طمعا في جزء من البريستيج االجتماعي والبحث عن األضـواء، بغض النظر من املوقف الثابت، ما يجبر القارئ على احترام أسلوبه ومنهجيته في الكتابة ومساجالته الفكرية. العميم الــذي ولــد فـي مدينة بـريـدة بمنطقة القصيم فـي منتصف ستينات الــقــرن املــاضــي، اعــتــرف فــي حـــوار صحفي بـأنـه شخصية «مــزاجــيــة وكــســولــة»، رغـــم نــشــره عـــدة مــؤلــفــات مــنــهــا، «العلمانية واملمانعة اإلسالمية» «محاورات في النهضة والحداثة»، و«شيء من النقد وشيء من التاريخ» «آراء في الحداثة والصحوة وفي الليبرالية واليسار»، و«عبدالله النفيسي سيرة غير تبجيلية»، وغيرها.