العيسى في مؤمتر األزهر:خطأ التشخيص يقود لفصل جديد من الصدام احلضاري
عـقـد األزهــــر مــؤتــمــرا عـاملـيـا عــن الــســام حــضــره عـــدد من الـشـخـصـيـات الــديــنــيــة والــفــكــريــة، إذ حــفــل بــتــنــوع ديني ومــذهــبــي وفــكــري عــاملــي، وفـــي إطـــار هـــذا الــتــنــوع، شارك األمني العام لرابطة العالم اإلسامي الشيخ الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى في املؤتمر ضمن الكلمات الرئيسية في حفلة افتتاحه. وأوضـح العيسى في كلمته أن السام مقصد عظيم في دين اإلسام، وهو ال يــتــحــقــق بــمــجــرد نـــظـــريـــات تطرح، وحــــــــــــوارات عـــــابـــــرة تــــــــدار مـــــن حني آلخـــر، تـأتـي فــي غالبها فــي سياق األماني واالدعــاءات، فا بد له من أثــر مـلـمـوس، يسبقه عمل صادق فعال، وال يكون كذلك إال بمؤهات الــســام الـحـقـيـقـيـة، مــن حــب الخير لإلنسانية، ومن سمو على كل معنى مــن مـعـانـي اسـتـحـواذ الــذاتــيــة، بطغيان مطامعها املادية، املجردة من املعنى الحقيقي الستحقاق وصـف اإلنسان املميز والـفـارق له عن وحشية غيره. وقــــــال الــعــيــســى «بـــــل إن لــبــعــض هـــــذا الـــغـــيـــر مــــن سائر املخلوقات، برمجة فطرية، نحو بعض املعاني اإلنسانية في مجموع تقاربه وتعايشه، يفتقدها ـ مع بالغ األسف ـ كثير من البشر، وإذا طغت وحشية اإلنسان أحالته إلى جنس آخــر، والـسـوء املـركـب فـي هــذا أن ترفع رايــة حماية السام العاملي ثم تعجز تارة، أو تحضر وتغيب في أخرى، ال سام إذا ازدوجت املعايير، وال سام وقد هيمنت القوة بمنطق املــاديــة وحـــده، فـــإذا لــم يسد حـيـاد الـعـدالـة ضاق بالسام املكان والتمس غيره، وال سام إال بصفاء وجدان، وال سام إال بتسامح ووئام، ينبذ خلق الكراهية البغيض، ويغرس املحبة، ويحيل األنانية إلى بذل وتضحية». وأضــــــاف «تـــلـــك عــــبــــارات جــمــيــلــة نـــشـــدو بــهــا (قــــــوال) في محافلنا، ونلقنها أوالدنـــا (درســا نـظـريـا)، ونعبر بها فـي عاملنا الــدولــي (تـأيـيـدا أو شجبا).. وإنــمــا الـبـعـد الــغــائــب عــنــا!، هــل نشدوا بها فـعـا؟، هنا املـعـادلـة فـي سياقها الكاشف، وهنا تتبدل تلكم املعادلة، عندما يـتـبـادل اإلنــســان مـع جنس الحيوان الوصف والدور». وأشـــار إلــى أن «لـلـخـالـق مـدبـر هذا الـكـون نظاما محكما، جهله كـل من طغى فــي مـاديـتـه ووحـشـيـتـه، وجهله كل من جعل السام سلعة بني يديه، ومن إحكام هذا النظام الرباني حلول دائـرة السوء على الظالم وإن استدرجته الحكمة اإللهية زمنا، وقد جعل الـلـه لكل شــيء قـــدرا، وللتاريخ شـاهـد وعـظـة، يـأبـى كثير مـن الـنـاس االتــعــاظ بـهـا، ولـكـن بأنفسهم بعد أن يحصل الفوات». ورأى أمني عام رابطة العالم اإلسامي أنه «ليس من معنى يكثر طلبه وادعــاؤه في أدبيات السياسة هو أكثر شتاتا وغيابا من غيره مثل قيم الـسـام، وإذا غـاب سـام عاملنا بفعل صلف املـادة، وذرائـع همجيتها، فهي تزن (عند من تنازل عن إنسانيته وتجرد من فطرته) تزن السام كله، بل والعالم بأسره، ثم هل من وحشية تقابل هـذه الوحشية، وجميع ما سبق ال يحملنا على االنكفاء والتشاؤم؛ وقد رسخ فينا اإلسام األمل والتفاؤل». واعـتـبـر مؤتمر األزهـــر «يــجــري فــي سـيـاق اسـتـدعـاء هذا املعنى الـرفـيـع ؛ ليسهم مـن خــال الـــوزن الكبير لرسالته العلمية والفكرية فـي هــذا الـشـأن اإلنـسـانـي املهم، مــذكــرا بـقـيـم الـــســـام، مـنـبـهـا عــلــى مخاطر تفويته في زمـن لم يعد يحتمل املزيد مــــن املـــعـــانـــاة واآلالم، خـــاصـــة وقد قــــابــــل شـــــــؤم الــــتــــطــــرف اإلرهـــــابـــــي تـــطـــرف مـــضـــاد، وخـــطـــاب إقصاء كــــاره، أنــتــج سطحية بــل مجازفة اإلســامــوفــوبــيــا، وحــكــم بمعايير عــشــوائــيــتــه وكــراهــيــتــه عــلــى مليار وســـتـــمـــائـــة مـــلـــيـــون مـــســـلـــم، بجريرة مــا نسبته تــطــرف واحـــد مــن بــني مائتي ألـف نسمة هم على هـدي االعــتــدال، جاها أو متجاها أن للتطرف فـي عموم األديـــان وقـائـع تاريخية مؤملة، تحضر وتغيب في مد وجزر، من زمن آلخر». وبني أمني الرابطة «أن خطأ التشخيص، وخطأ املعالجة، يقود لفصل تاريخي جديد من الصدام الحضاري، وليت عاملنا يستدعي ولــو قــدرا مجزيا لحفظ وعـيـه املعيشي، ليدرك أن التسليم اإليجابي بالفروق الطبيعية بني البشر مفض إلــى اإليـمـان بسنة الخالق فـي االخـتـاف والتنوع والــتــعــدديــة، هـــذا اإليـــمـــان فــي طـلـيـعـة مــكــونــات السام.. وتــنــوع هــذا املـحـفـل الـكـريـم أنــمــوذج مــاثــل، عـلـى مستوى وعـيـنـا بــهــذه الـسـنـة اإللــهــيــة؛ ليتلوها مـثـل هــذا التاقي والتعاون والتقارب، لخدمة اإلنسانية وإسعادها. وصواب التشخيص واملعالجة يقودنا إلى حقيقة مهمة ندرك من خالها أن ليس للتطرف واإلرهـاب مدرسة دينية معينة، وأن عـنـاصـره تشكلت أخـيـرا مـن 100 دولــة ودولـــة، جند مـنـهـا خـمـسـة وأربــعــني ألـــف مــقــاتــل، مــن اتجاهات فكرية متعددة ذات هدف واحد، وعدد منهم ولد ونشأ وتعلم في باد غير إسامية، وقد خرج من بلد أوروبي واحد ألف وخمسمائة مقاتل، التحق بلفيف اإلرهاب». وتابع «ليت عاملنا يعي أن للسياسة دورا مهما في إذكاء فتيل اإلرهاب، أو إطــفــائــه؛ فسلبية دورهـــا أحيانا وثغراتها رهان مهم في إستراتيجية التطرف لتصعيد العاطفة الدينية، في نفوس أغرار سذج، يسهل استدراجهم بأهازيج حماسية وصيحات وعظية، وقـد يكون الفاعل األول هو صــاحــب الــثــغــرة، ســـواء فــي مــيــول تـطـرفـه املــضــاد؛ لنزعة كراهية، أو لحساب مساجات سياسية، وهو ما أفرز لوثة اإلساموفبيا، أو في تدابير مساوئ البراغماتية، التي لم تعر للعدالة بمعناها الشامل قيمة، وقد جعلت من قاصر الوعي والنظر أهوج صائا، مشهرا سيف تطرفه األحمق، متدثرا ـ زورا ـ برداء الدين».
إذا طغت الوحشية تبادلت مع جنس احليوان الوصف والدور قابل شؤم التطرف اإلرهابي تطرف مضاد وخطاب إقصاء كاره