Okaz

‪WMLON « ŸULÞ√Ë WO «eF½ô« WŽe½ ∫sDMý«Ë‬

- Talalbanna­n@icloud.com

في تاريﺦ األنظمة الدولية الحديثة، منذ نهاية القرن السادس عشر، تعاقبت على العالم قوى عظمى، من األسبان إلى البرتغالين­ي إلى الفرنسيني، ثم اإلنجليز، وأخيرًا األمريكيني. عدا فترة قصيرة، عهد الحرب الباردة، حيﺚ ساد نظام القطبني، كان العالم، طوال خمسة قرون يحكم ومهيمنًا عليه من قبل قوة عظمى واحدة، وإن تعددت أقطابه، أحيانًا. أهم ما كان يميز هذه الحقب الكونية املتعاقبة، أنه كانت هناك حروب كونية حاسمة، تفصل حقبة كونية عن سابقتها. إال فيي النظام اليدوليي الحالي، يحصل االنتقال مين نظام اليحيرب اليبياردة إليى النظام الدولي الحالي، الذي تبرز فيه الواليات املتحدة كقوة دولية عظمى رئيسية، وليس بالضرورة مهيمنة. لقد جرى االنتقال من نظام الحرب الباردة إليى النظام اليدوليي الجديد، بسبب انهيار أحيد أقطاب نظام الحرب الييبييارد­ة مين داخيليه (االتييحييا­د السوفيتي)، وليييس بفعل كيونيي عنيف انيتيصير فيييه اليقيطيب الييدولييي اليرئيييس هييذه األيييييام (اليييواليي­ييات املتحدة األمريكية). الواليات املتحدة وجدت نفسها تتقلد مكانة كونية رفيعة، بعد انهيار خصمها اللدود في نظام الحرب الباردة من داخله (االتحاد السوفيتي). فجأة وجدت الواليات املتحدة نفسها تتقلد مكانة كونية رفيعة لم تسع إليها.. ولم تكن مستعدة لها. إن كان تدخل اليوالييات املتحدة العنيف الحاسم منذ بيدايية اليقيرن العشرين، لتشكيل نظامي عصبة األمم، عقب الحرب العاملية األوليى، ونظام األمم املتحدة، عقب الحرب الكونية الثانية، إال أن النزعة االنعزالية للواليات املتحدة كانت كثيرًا ما تحول دون تمتع واشنطن بميزات مكانة الهيمنة الكونية، لعزوفها عن دفع تكلفة هذه املكانة الكونية الرفيعة. من أهم شروط الهيمنة الكونية ألي قوة عظمى، تعاقبت على األنظمة الدولية الحديثة، توفر شرطني أساسيني، األول: اإلرادة السياسية لتقلد مكانة الهيمنة الكونية.. الثاني: االستعداد لدفع تكلفة هذه املكانة، قبل التفكير في التمتع بميزاتها وعوائدها. كال الشرطني غير متوفرين، تاريخيًا وثقافيًا، ليدى األمريكيني. عقب الحرب العاملية األولى، ومساهمة واشنطن الحاسمة في إنهائها، بل والعمل على إنشاء نظام عصبة األمم وفقًا ملبادئ الرئيس األمريكي ودرو ويلسون، إال أن األمريكيني لم يكونوا مستعدين للخروج من عزلتهم فكان أن رفﺾ الكونجرس معاهدة فرساي ٩١٩١ وكذا االنضمام لعصبة األميم، وبذلك انهار مشروع الرئيس ويلسون لترتيب أوضاع العالم، لتعود أمريكا من جديد لعزلتها. عقب الحرب الكونية الثانية، التي كان للواليات املتحدة دور حاسم وعنيف في إنهائها، ومن ثم إنشاء نظام األمم املتحدة، لم تكن واشنطن مستعدة لتقلد مكانة الهيمنة الكونية، وإن دفعت بسخاء، هيذه املييرة إلعييادة إعمار أوروبييا، ولكن ليس كل أوروبييا. النزعة االنعزالية، هيذه املرة، عيادت ألسباب أمنية وإستراتيجي­ة. اليوالييات املتحدة لم تكن تسعى ملكانة الهيمنة الكونية، بعد الحرب الكونية الثانية، بل كانت متخوفة من املد الشيوعي، فكان سلوكها دفاعيًا وليس هجوميًا.. وكذا من فشلها في استمرار االتحاد السوفيتي تحالفه مع الغرب، الذي استمر طوال اليحيرب، إال أنيه لم يتواصل لفترة ما بعد اليحيرب. كيان الهاجس األمينيي، إذن، وليس مقومات الهيمنة الكونية، وراء مشروع مارشال إلعادة تعمير أوروبا واليابان، وكذا في نشر املظلة النووية األمريكية لتشمل حلفاء الواليات املتحدة، في معاهدة حلف شمال األطلسي. الواليات املتحدة، إذن: لم تكن أبدًا تمتلك اإلرادة السياسية املاضية، لتبوؤ مكانة الهيمنة الكونية، كما كانت بريطانيا طوال القرن التاسع عشر، وحتى العقد الثاني مين اليقيرن العشرين، بيل وحتى فيي بعﺾ التقديرات، إليى نهاية العقد اليرابيع من القرن العشرين، قبيل اندالع الحرب الكونية الثانية سبتمبر ٩3٩١. كما أن واشنطن يمكن أن نقول عنها «بخيلة»، بل وحتى «جشعة»، في نظرتها الكونية كقوة عظمى. واشنطن دائمًا تريد أن تتمتع بمكانتها الكونية املتميزة، دون أن تكون مستعدة لدفع تكلفة ذلك! ليس أوضييح مين سيليوك إدارة اليرئيييس دونييالييد تيرميب اليجيدييدة، لتبيان هييذه املعضلة األزلية للسياسة الخارجية األمريكية، التي تتجاذبها النزعة االنعزالية.. وأطماع الهيمنة الكونية. اليوم عندما يتحدث الرئيس ترمب موجهًا خطابه لحلفاء واشنطن التقليديني في أوروبا واليابان والشرق األوسط أن عليهم أن يدفعوا تكلفة ما زعمه من الحماية األمريكية لهم، إنما هو في حقيقة األمر يعبر بوضوح عن هذا الخلل املزمن في السياسة الخارجية األمريكية، التي تتجاذبها نزعة االنعزالية، مع تطلعات الهيمنة «املجانية»، إن جاز التعبير. صداقة الواليات املتحدة، ليست بأقل خطورة -أحيانًا- من عداوتها. معادلة عليه أن يعيها، كل طرف دولي يتعامل مع واشنطن.

 ??  ??
 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia