حوار الطرشان
قـضـايـا كـثـيـرة بحثها مـنـتـدى اإلعــــام الــعــربــي الـــذي يعقد سـنـويـا فــي دبــي بتنظيم نـــادي دبــي للصحافة ويــدعــى له عدد كبير من املتخصصني في اإلعام والسياسة واملجاالت األخرى كاالقتصاد والثقافة والفكر والعمل املدني والحقوق بحسب املوضوع العام الذي يتم اختياره لكل دورة، وقد كان عنوان املنتدى األخير الذي عقد يومي ١ و٢ مايو «الحوار الــحــضــاري» وانــدرجــت تحته عـنـاويـن فـرعـيـة مـثـل الحوار اإلعـــامـــي، حــــوار الــتــعــايــش، حــــوار الــحــضــارات والشعوب، صـــورة الــعــرب لــدى الـشـعـوب األخـــرى، وغـيـرهـا مــن املحاور املتعلقة، وبالتأكيد كـان موضوع اإلرهــاب حاضرًا كقضية بارزة ومتشعبة األسباب واألطراف. من مجريات الـنـدوات وبعد انتهائها تأكدت حقائق مهمة للمتابع مـن أبـرزهـا اخـتـاف الــرؤى حــول الكيفية املناسبة التي يجب أن يطرح العرب أنفسهم بواسطتها لدى الشعوب األخـــرى، وتـحـديـدًا املجتمعات الغربية الـتـي تحمل صورة نمطية سلبية فيها الكثير من العمومية غير العادلة التي تـفـتـقـر إلـــى فــهــم جــيــد لــاخــتــافــات الــفــكــريــة لـــدى الشرائح االجتماعية املختلفة في ثقافتها وفكرها ونظرتها ملاهية وكيفية التعايش مع اآلخــر. وما يجعل األمــور أكثر تعقيدًا هو الكيفية التي تنظر بها النخبة من قادة الرأي في بعض تلك الـبـلـدان الغربية، وفــي مقدمتها أمـريـكـا، وكـذلـك بعض املحسوبني على تشكيل سياساتها وأساليب التعاطي مع املجتمعات العربية في هذه الفترة الحرجة. صحيح أن اإلعام العربي يعيش مأزقًا كبيرًا ومستمرًا متمثا في عدم قدرته على تطوير سياساته وأدواته وأساليب طرحه بما يتناسب مع طبيعة املرحلة وثقافة اآلخرين، وصحيح أنه يكرس إستراتيجيته للمشاكل الداخلية والبينية داخل الساحة العربية، لكن يبدو أن املأزق األهم يوجد لدى الجانب اآلخر الذي تكرس سياسات دوله ترسيخ صورة سيئة غير قابلة للتعديل عن املجتمعات العربية املسلمة. في مثل هذه الحالة يصبح الحوار شبيها بحوار الطرشان فهناك طـرف يـحـاول تقديم شـيء وإن كـان ليس باألساليب املـتـطـورة الفعالة، وطــرف آخــر ليس لـديـه اسـتـعـداد لتغيير الصورة الذهنية السلبية املحفورة في مخيلته، فأي حوار مـنـتـج يـمـكـنـنـا الــحــديــث عــنــه ونــحــن نـعـيـش هـــذه املعضلة املعقدة.