ــرة .. وحياتنا على كف عفريت!
معلمات: شروط املغتربة معقدة.. وال جتاوب مع طلبات النقل
قصص مؤملة ترويها معلمات اضطررن لـالبـتـعـاد عــن أســرهــن، بـعـدمـا ألـقـى بهن التعيني فـي مناطق نائية خــارج حدود مدنهن، فباتت سـاعـات عملهن تبدأ من الثلث األخير من الليل، وال تنتهي إال مع غــروب الشمس. فيما يؤكدن أن ما خفي من قصص اغترابهن كان أعظم، أقلها أن طلباتهن لتقليل االغتراب ال تجد تجاوبا من الجهات املعنية. تـقـول املعلمة «أم محمد»: أنــا مـن سكان الـــقـــديـــح بــالــقــطــيــف، وأعـــمـــل فـــي إحدى مــــــدارس الــخــفــجــي، وال يــخــفــى عــلــى أي مسؤول في الــوزارة ما نعانيه، إذ نخرج وزميالتي قبل صالة الفجر من البيوت، وال نــعــود إال قـبـل صـــالة املــغــرب بقليل، خصوصا أن الدوام يمتد في بعض األيام إلى الثانية ظهرا. فيما يستغرق ذهابي إلـى املـدرسـة نحو ثـالث سـاعـات، ومثلها لإلياب. وتــضــيــف: وال يـــوجـــد فـــي الــتــعــلــيــم بند يعطي قـائـدة املــدرســة الـحـق فـي السماح للمعلمة املغتربة بالتأخر فـي الصباح بـحـكـم املــســافــة، خـصـوصـا أنـــي أقــطــع ما ال يقل عن 650 كيلومترا ذهابا وعودة يـومـيـا، وهــنــاك زمــيــالت على هــذا الحال منذ أكـثـر مـن خمس ســنــوات، مـا يضطر بـعـضـهـن إلـــى تـــرك أبــنــائــهــن، خصوصا مـــن لــديــهــا طــفــل مـــن ذوي االحتياجات الـــخـــاصـــة، مــــا يــدفــعــهــا لــلــتــنــقــل بــــه بني املستشفيات في منطقة سكنها وعملها، إذ ال يكفي تقرير من مستشفى حكومي بحالة طفلها، ليتم إنهاء اغترابها. وال يــخــتــلــف حــــــال املـــعـــلـــمـــة (خ.د) عن ســـابـــقـــتـــهـــا، إذ تـــــقـــــول: بـــيـــتـــي وزوجــــــي فــــي الـــــدمـــــام، وأســــرتــــي فــــي إحــــــدى قرى األحــــســــاء، وأعـــمـــل فـــي الــخــفــجــي. عينت مــنــذ ســنــوات فــي إحــــدى قـــرى الدوادمي الـتـابـعـة لــلــريــاض، فـكـنـت أســافــر أحيانا يـومـيـا، ومـــرات أسبوعيا مـن الــدمــام الى الدوادمي؛ أي نحو 550 كيلومترا ذهابا، أي أنــي أقطع أكثر مـن ألــف كيلومتر في رحــلــتــي لــلــعــمــل. وقــــد تــعــرضــت لحادث شـنـيـع بــالــقــرب مــن الـــدوادمـــي وبرفقتي خمس زمــيــالت، نتجت عنه وفـــاة سائق الــــســــيــــارة الــــتــــي صـــدمـــتـــنـــا، وتعرضنا جميعا إلصابات متفرقة؛ كسور وكدمات وغياب عن الوعي، بخالف الرعب والهلع الذي أصابنا، ولم أفق من غيبوتي سوى بــاملــســتــشــفــى، ألنــقــل إلــــى مـسـتـشـفـى آخر ألكمل عالجي، وظلت معاناتي مع األلم لفترة طويلة، وطلبت بعدها نقلي، ولم تـسـتـجـب الــجــهــات املــعــنــيــة ســــوى العام املاضي، واملفاجأة أني نقلت إلى الخفجي، ما يعني أني سأظل بعيدة عن أسرتي، بل وسأضطر إلـى السفر يوميا ملسافة أكثر مــن 600 كـيـلـومـتـر ذهــابــا وإيـــابـــا، فيما يعاني أوالدي وزوجي شتاتا أسريا. أمــا املـعـلـمـات «أم مـحـمـد»، و«أم حسن»، وأم عــبــدالــعــزيــز، وأخـــريـــان رفـضـتـا ذكر اسميهما، فقلن: نحن مــن سـكـان الدمام ونــعــمــل فـــي إحـــــدى مــحــافــظــات املنطقة الشرقية، ونـركـض يوميا على الطرقات ملـسـافـة تـزيـد عـلـى 700 كيلومتر ذهابا وإيــابــا. فهل ستجد معاناتنا هــذه املرة آذانا صاغية؟!