ملاذا اختار األمير الشاب القناة السعودية وداوود الشريان؟
أظـهـر الــحــوار الــذي أجـــراه اإلعــالمــي داوود الـشـريـان مع ولــي ولــي الـعـهـد األمــيــر محمد بــن سـلـمـان، مــدى الحس اإلعــالمــي الـــذي يمتلكه األمــيــر الــشــاب، فـلـم يـكـن اختيار القناة السعودية صدفة، وال التنسيق املسبق مع الشريان عبثا، وحتى االستعانة بلغة اإلشـارة التي حضرت على الـشـاشـة كـانـت ذات مــدلــوالت عميقة، فمحمد بـن سلمان أراد يوم أمس األول (الثالثاء)، وخالل 55 دقيقة أن يوجه خالصة عمل دؤوب عملت عليه الـدولـة منذ أن انطلقت الــرؤيــة نــحــو املـسـتـقـبـل، وألن الــرســالــة لـلـشـعـب فــلــم يقع االخــتــيــار عـلـى قــنــاة الـعـربـيـة كـمـا كــان ذلــك فــي السابق، فــالــحــوار الــســابــق الـــذي أجـــراه ســمــوه مــع تــركــي الدخيل وعـبـر «الـعـربـيـة» طغت عليه لغة األرقـــام، واحـتـوى على رسائل سياسية خارجية، وكانت القناة املختارة واملحاور النخبوي هو األمثل لتوصيل الرسالة، أما اآلن فالرسالة مختلفة، فالخطاب للداخل، واملضامني للمواطن بكافة شرائحه وفئاته، والشريان هو األمثل إليصال الخطاب، فهو اإلعالمي املحترف الذي كان في «الثامنة» قريبا من هم املواطن البسيط، يبحث عن أجوبة ألسئلتهم الحائرة، وينثر همومهم عبر طاولته املستديرة، رغم ظهوره يوم أمس بشكل لم يعتد عليه املتابعون، فقد تنازل عن الكثير مـــــــن فـــــوضـــــويـــــة الـــــطـــــرح وسرعة األسئلة، والصوت املـــرتـــفـــع، ولــــم يــكــن قــــادرا عــلــى الــتــالعــب بأعصاب املــــــــــســــــــــؤول، فـــــاملـــــســـــؤول الــــــــــــــذي يـــــجـــــلـــــس أمــــــامــــــه كـــان أكــثــر ثــقــال، وأصدق عـمـال، ومليئا بالحقائق واألرقــــــــام املـــذهـــلـــة، وكان مــبــاشــرا فــي الــــرد. وحتى الــقــنــاة الــســعــوديــة كانت هــي الــقــاســم املــشــتــرك بني فئات الشعب، وهـي التي طرقت الـــــشـــــرائـــــح، فـــــال يختلف أو مـــــنـــــفـــــتـــــح، وال أو مـــتـــديـــن، فقد الخصام بعيدا، كـل مـنـزل، وخاطبت كل عـــــــلـــــــيـــــــهـــــــا مــــــحــــــافــــــظ يرفضها ليبرالي تــــــــركــــــــت لغة وراحـــــــــــــــــــــــــــــت تـــفــــتـــش عن املـــــــــــــواطـــــــــــــن فــــقــــط، لذلك هـــــــي الــــقــــاســــم املــــــــشــــــــتــــــــرك بــــني املــتــابــعــني السعوديني، وهـــــي الـــطـــريـــقـــة األنسب لــــــــــلــــــــــوصــــــــــول لـــــجــــمــــيـــــع الشرائح. فوجئ الشريان من نوعية املـــســـؤول هـــذه املـــــرة، فقد قـــال لــه األمــيــر مـحـمـد بن سلمان، قبل الحوار بخمسة أيام، «لن أتدخل في اختيار األســئــلــة، أســـأل مــا تــريــد وكـلـمـا تـحـديـتـنـي كـــان أفضل»، بعكس املـسـؤول الــذي اعـتـاد على التعامل معه كـل مرة، والــذي يطلب قبل اللقاء مـحـاور وأسئلة الحلقة. فليس لدى األمير ما يخشاه، فكل األسئلة التي طرحتها حلقات الـشـريـان السابقة مـن هـمـوم اإلســكــان، وحـسـاب املواطن، ومـــعـــانـــاة الــصــحــة، يــحــمــل لــهــا فـــي جــعــبــتــه الــكــثــيــر من الرؤى والحلول اآلنية واملستقبلية، جاء مثقال باألحالم والطموحات، جاء ليقول للجميع «الغد أفضل». قـال الشريان، «كنت أعـرف عن موعد الـحـوار قبل خمسة أيــــام مــن عــقــده، وبـــــدأت فــي الـتـحـضـيـر وإعـــــداد األسئلة متوكال على الله ثم متابعتي مـاذا يريد الـنـاس، وكذلك لـــدي مــخــزون مــعــرفــي نـتـيـجـة حــضــوري لـــقـــاءات األمير محمد أثـنـاء عمل الــرؤيــة»، لكنه فـوجـئ بــأن مـن يقابله أكثر معرفة وأدق تفصيال. رؤيـة األمير اإلعالمية كانت أكــثــر ظــهــورا وبــــروزا، فـقـد اسـتـوعـب الـجـمـيـع، حـتـى فئة الصم قد حضرت لغتهم عبر الترجمة الفورية.