Okaz

عمر عبداجلبّار والعمل اجلبّار

- فاطمة عثمان القاضي ـ مساعد مدير التربية والتعليم بمحافظة عنيزة سابقا

هي قصة نجاح بطلها قائد تربوي استشرف في تعليم املرأة مستقبال واعدًا لها، وإنجازًا رائعًا تتفيأ ظالله أسرة ويتقدم ويصلح به مجتمع. في الوقت الذي انتشرت فيه مدارس الكتاتيب في مكة املكرمة لتعليم املرأة القراء ة والكتابة وتالوة القرآن، كان هناك مواطن صالح يسكنه هاجس يؤرقه وهم يحمله وإحساس قوي بأهمية تعليم املرأة إيمانًا منه بأنها نصف املجتمع وحاضنة النشء وأن تعليم البنني ال يكتمل إال بتعليمها، ليرتفع سقف عطاءاتها فتنتقل من مرحلة التأثر إلى دائرة التأثير وليجعل منها مدرسة تربي األجيال على بصيرة، بما تحمله من أفكار مستنيرة، وبهذا التكامل إثراء معرفي وتمكني ثقافي يتحقق على سواعد أبناء الوطن. إال أن والدة هذه الفكرة في ذلك الوقت كانت محفوفة بتحديات كبيرة منشأها أعـراف وتقاليد مجتمع، لكن الهمة العالية والعزيمة الصادقة التي تسكن بني جوانح الشيخ عمر كانت قادرة على مواجهة الصعوبات والتغلب على العقبات بمساندة من امللك العظيم فيصل بن عبدالعزيز. وفي أمسية يوم من أيام ٨٧٣١هـ كانت والدة الفكرة ثم التخطيط لها، تالها مرحلة التنفيذ بإنشاء صرح تعليمي شامخ متكامل األركان متعدد األدوات غني بأهم مقومات النجاح من معلم متقن مثقف واع وبيئة صفية محفزة بأساليبها ووسائلها التعليمية ومناشط رياضية ومسرحية تبني الجسم والفكر وتنمي القدرات والشخصيات. فكان ذاك الصرح مركز إشـعـاع وبيئة جاذبة بما يوفره من وسائل الترفيه ومـا يستخدمه من أساليب التحفيز والتعزيز، كنا نعشق البقاء بني أروقته ونتمنى أن يطول اليوم الدراسي ونتنظر بشوق اليوم الذي يليه. لم يكن عمر عبدالجبار مالكًا ملدرسة أهلية ومؤسسة ربحية، بل كانت نظرته أبعد وهدفه أسمى، مدركًا أن البناء لن يكتمل إال بمنهج دراسي مخرجاته تتناسب مع مبادئ وقيم مجتمع يطبق الشريعة، مثريًا للمعلومات مهذبًا لألخالقيات. وبكفاء ة عالية وقدرات متميزة كانت املقررات الدراسية من تأليفه، والتي ما فتئت الرئاسة العامة لتعليم البنات آنذاك من االستعانة بها في بداية إنشائها. وفي حي الزهراء بمكة املكرمة كانت االنطالقة ملدرسة (الزهراء). وكان عم عمر كما كنا ندعوه عظيمًا في خلقه، راقيًا في تعامله، أبًا في عاطفته وجميل مشاعره. جهوده كانت فردية ومخرجات عمله مؤسسية ونتاجه خريجات شغلن مناصب عليا ووظائف قيادية. وكوني خريجة املرحلة االبتدائية في هذه املؤسسة العلمية أجد نفسي ممتنة وقلمي يسطر كلمة في حق ذلك املربي الفاضل وتلك املؤسسة الشامخة ألترجم مشاعر الفخر والوفاء، فسيظل التاريخ يتغنى به كرائد لتعليم الفتاة. فشكرا عم عمر بحجم االنتعاش الذي تنفسته فتيات قطفن ثمرة إنجازاتك، شكرًا بحجم االمتنان الذي أشرق في نفس كل فتاة ذاقت شهد عطاءاتك. وترجمة ملشاعر الوفاء فإن كوكبة من خريجات تلك املدرسة بمشاركة من كريماته بصدد إصدار كتاب يحكي سيرته الذاتية ويروي منجزات حضارية. وفي غياب تكريم هذه الشخصية االستثنائي­ة في حياته، أدعو من هذا املنبر أمير الشباب ومحفز الطاقات األمير خالد الفيصل لتكريم أبناء وبنات عمر عبدالجبار لتكون البدايات بمساندة الفيصل والنهايات بتكريم من خالد الفيصل.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia