محمد بن سلمان.. إرادة التغيير وديناميكية القرار
لم يكن يوم األحد املاضي يومًا عاديًا في حياة السعوديني، بل كان استثنائيًا بامتياز، ففيه ازداد يقينهم بأن البالد تـسـيـر فــي تــوجــهــهــا الــجــديــد بـشـكـل صــحــيــح؛ أمــــا السبب فهو إطـالق مجلس الشؤون االقتصادية والتنمية 10 برامج ذات أهمية إستراتيجية، ضمن رؤيــة ،2030 مـن شــأن تنفيذها- بـكـفـاءة- أن يحقق أهدافا وطنية لم يكن من السهل مجرد تخيل إمكانية وضعها في االعتبار قبل عام من اآلن، وامللفت أن مستهدفات تلك الحزمة التنموية ال تتوقف عند االقتصاد واملــال بل تشمل اهتمامات كافة أفــراد الشعب السعودي، بمختلف أوضــــاع معيشتهم وشــرائــح أعــمــارهــم واتــجــاهــاتــهــم الفكرية ومستوياتهم التعليمية والعملية. وبعد يومني فقط من الحفز اإليجابي الـذي تركته البرامج الجديدة في نفوس املـواطـنـني، حالف التوفيق فــارس رؤيتنا وعـرابـهـا الـشـاب األمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد عبر لقاء تلفزيوني مهم، في تجديد األمل بقدرة اململكة على املضي قدمًا؛ بثبات قوي وثقة كبيرة تجاه (عصرنة) البالد ونقلها ملصاف الدول املتقدمة تقنيًا واملــتــنــوعــة اقــتــصــاديــًا واملــنــفــتــحــة ثقافيًا، بعد تخلصها من معظم القيود (الوهمية) والعوائق املفتعلة؛ التي حالت طويال دون لحاقها بـركـب التقدم العلمي والتنافسية الصناعية واالقــتــصــاد املـعـرفـي واالنفتاح غير املتعارض مع الدين والقيم. ولو أمعنا النظر في املحاور التي تناولها سـمـوه خــالل الــلــقــاء، وفــي أهـــداف (املــحــركــات) الـعـشـرة الــجــديــدة، سنجد أنها تلتقي جميعًا عند هدفني رئيسيني؛ هما، بناء اإلنـسـان السعودي فــي املــقــام األول، بـاعـتـبـاره (األصـــل) األهـــم واألعــلــى شـأنـًا مــن بــني جميع األصـول واملــوارد التي تزخر بها البالد، قبل أن تنتقل بعد ذلك لتحقيق أهداف صناعية واقتصادية متعددة، بمعنى أن رفع جودة حياة املواطن وتحسني معيشته هو ما يتصدر اهتمامات قيادتنا، بدءا بضمان توفير خـدمـات صحية جـيـدة املـسـتـوى، ومـــرورًا بتيسير السكن املـالئـم وفرص العمل، وانتهاء بإتاحة الترفيه املباح الذي حرم منه املواطن طويال؛ بدون سبب منطقي!. املضامني األبـرز- برأيي - في لقاء سمو األمير ليس املحاور بحد ذاتها - رغم أهميتها - بل هي تفعيل إرادة التغيير املقرونة بديناميكية اتخاذ الـــقـــرار، ثــم إرســــاء تقليد مـهـم يتمثل فــي حـــرص كــبــار مــســؤولــي الدولة والحكومة على التواصل املباشر واملنتظم مع الناس؛ بشكل غير مسبوق، وإطالعهم بكل شفافية وتلقائية على املستجدات، أمـا املميز في اإلثني عشر برنامجا املعلنة حتى اآلن فهو سعيها لتحقيق تطلعاتنا املشروعة التي طاملا رددها املواطنون وعبرنا عنها كتابا ومتخصصني ومثقفني ومـفـكـريـن؛ عبر مختلف املـنـابـر ولـكـن لـأسـف كــان يتم تجاهلها بشكل غريب!، رغم كونها من البديهيات، التي يدركها املواطن العادي ناهيك عن املتخصص أو املثقف واملراقب. والغريب أن أجـيـاال متعاقبة مـن كبار التنفيذيني السابقني الـذيـن حمل بعضهم أعلى الدرجات العلمية، كانوا ال يعيرون دعواتنا تلك اهتمامًا يذكر، بل إن البعض منهم لم يكلفوا أنفسهم حتى مجرد عناء توضيح أســبــاب تـجـاهـلـهـم لـتـلـك املــطــالــب؛ وهـــو مــا تــرتــب عـلـيـه جــمــود ملحوظ وتكاليف مرتفعة وخسائر باهظة؛ تكبدها الوطن بسبب ذلـك التجاهل وتلك الالمباالة، ومن أبرز املطالب التي تم تجاهلها مــرارًا، والتي يعمل سمو األمير محمد على تحقيقها؛ في مدى زمني لن يتجاوز عام ،2020 ما يلي: .1 إنشاء صندوق ثروة سيادي باملفهوم املعروف؛ يضمن تحقيق عوائد جيدة ترفد ميزانية البالد. .2 تحقيق التوازن بني إيرادات الدولة ومصروفاتها، وإعادة هيكلة الدعم وتوجيهه للمستحقني فقط. .3 رفع كفاء ة احتياطيات البالد املالية املستثمرة خارجيًا بعوائد ضئيلة؛ تقل غالبًا عن نسبة التضخم!. .4 زيادة املبالغ املستثمرة محليًا من الثروة السيادية بدال عن تكديسها في الخارج في أدوات هزيلة العائد!. .5 تقليل االعتماد على مـوارد البترول، وزيــادة دخل الدولة املتحقق من املصادر غير النفطية. .6 االستفادة من الثروات املعدنية الهائلة التي تختزنها أرضنا وتوظيفها في صناعات متقدمة. .7 تـسـريـع تـمـلـك املــواطــنــني ملـنـازلـهـم، وتعزيز جاذبية القطاع للمستثمرين. .8 تطوير مناهج التعليم، واالرتقاء ببنيته الــبــشــريــة واملـــــاديـــــة، واســـتـــخـــدام األساليب التعليمية الحديثة. .9 الـتـوسـع فــي إنــتــاج الـطـاقـة املــتــجــددة من املصادر املتعددة واملهملة؛ التي نمتلك فيها مزايا نسبية كبيرة. .10 رفـــــع الـــطـــاقـــة االســتــيــعــابــيــة للمشاعر املـقـدسـة لــزيــادة أعـــداد الـحـجـاج واملعتمرين @gbadkook واســتــخــدام أحـــدث تقنيات البناء، وإثراء تجربتهم. .11 تـطـويـر قطاعنا املــالــي وفـتـح وإدراج شركات دولية فيه. .12 إطالق برنامج التخصيص لتحسني جودة الخدمات وتحريراألصول الحكومية وجذب املستثمرين. .13 تـوطـني الـصـنـاعـة عـمـومـا والـعـسـكـريـة تــحــديــدًا، وزيــــادة الصناعات املرتبطة بالنفط والغاز، وتطوير الخدمات اللوجستية، وحفز الصادرات. .14 تركيز الحكومة على الـدور التشريعي والتنظيمي، وزيـادة املحتوى املـحـلـي، مــع حـفـز الـقـطـاع الــخــاص لــزيــادة مساهمته فــي الـنـاتـج املحلي اإلجمالي. ويمكنني الـقـول اآلن إن بـرامـج رؤيــة اململكة (ســواء مـا أعـلـن عنها أو ما سيتم إطالقه الحقًا) هي بمثابة ثالث خطط إستراتيجية مرحلية؛ متتالية التوقيت ومترابطة النتائج؛ مــدة كـل منها خمس سـنـوات، وسيستغرق تنفيذها 15 عـامـا؛ بــدأت الـعـام املـاضـي وستكتمل عـام 2030 بــإذن الله، ولـكـنـهـا خـطـط ال تـشـبـه خـطـطـنـا الـخـمـسـيـة الـسـابـقـة الــتــي وإن أسهمت فـي تحقيق بعض التقدم إال أنها لـم تحقق العديد مـن أهدفنا الوطنية الرئيسية؛ وإنما هي منظومة من اإلصـالحـات الشاملة وغير املسبوقة؛ تمثل نقلة تنموية نوعية؛ تراعي االحتياجات الفعلية، وتتعامل مع الواقع وتـحـديـاتـه، وتستجيب للمتغيرات املـتـسـارعـة محليًا وإقليميا ودوليًا وعلى جميع األصعدة السياسية واالقتصادية والعسكرية واملجتمعية. ويبقى العامل األهم في الفترة القادمة هو كفاءة الخطط الالزمة لتحويل الـبـرامـج املعلنة إلــى نتائج على أرض الــواقــع، ومتابعة تنفيذها بدقة، وتصحيح أية انحرافات قد تحدث خالل التطبيق؛ وفق معايير واضحة ومـؤشـرات قياس دقيقة، مع ضــرورة دراســة انعكاساتها املختلفة؛ وذلك تجنبًا ألي آثار سلبية محتملة.
سـوقـنـا
املـالـيـة للمستثمرين األجانب