أركون وصالح في مواجهة املزوغي ونقد االستشراق
انتقد الدكتور محمد املزوغي استشراق كل من املفكر محمد أركون وهاشم صالح، في كتابه «في نقد االستشراق»، إذ بن تناقضات الخطاب والتوجه لــدى املـفـكـريـن، فــأركــون ليبراليًا ينتقد بخطاب إســالمــي، كما أن صالح تلميذه النجيب الـذي وقع في فخ التناقض لدى أستاذه لم يبتعد كثيرًا عن منهجية أركون. يبدو أن طرح إشكال االستشراق على شكل نتاج فكري في عاملنا لم يبلغ منتهاه بعد، إذ أصدر أستاذ الفلسفة في معهد البابوي للدراسات العربية واإلسالمية في روما الدكتور محمد املزوغي (دار أفريقيا الشرق ،)2017 كتابًا يناقش االســتــشــراق الـــذي تـنـاولـه مـفـكـرون عــرب وغــربــيــون، اختار املزوغي االشتغال على نقد االستشراق مستبعدًا البوصلة الدراماتيكية في قراء ته مطلقًا على نتاجه «في نقد االستشراق». يتناول في الكتاب مواقف اثنن من املثقفن العرب الذين سلكوا طريق املواجهة والرفض كما يصف، األول محمد أركــون والثاني هاشم صالح معتبرًا األخير تلميذًا أمينا ومترجمًا حاذقًا لفكر أركـون، يعري املزوغي فــي كـتـابـه الــخــطــابــات الــتــي عـمـل بـهـا كــل مــن أركــــون وصــالــح بــدايــة من استخدام مناهج العلوم اإلنسانية لدراسة التراث اإلسالمي وإرادة األول في توطن هذه الدراسة كمنهج في الدراسات اإلسالمية بحكم أن أركون وصالح لم يتوانيا في معارضة املستشرقن ومعاداتهم ومن دون دراسة حقيقية ألفكارهم فإنهم بشكل أو بآخر يلتحقان باإلسالمين في السخرية من املستشرقن يقول صالح في أحــد خـطـابـاتـه «املـسـتـشـرقـون يـتـنـازعـون عـلـى اســم حصان امرئ القيس وناقته». بالرغم من اللغة الشرسة أو القوية، إن صح التعبير، في مفهوم االستشراق الذي بناه الغرب والذي دومًا ما كان يوصف بأنه نتاج عن الهيمنة اإلمبريالية وفكر االستعمار التي يملكها الغرب بحكم أنه وحتى في نقد األدب والفن في الشرق يحول دومًا ذلك دون نظرة عقالنية وبعد فلسفي في إطالق األحكام، رفض املزوغي بشكل أو بآخر هذه النظرة العامة والسطحية منطلقًا بفكرة جمهرة اإلسالمين الذين اعتبروا هذه الدراسات طعنًا في دينهم ولم يجابهوها كما يؤكد بزخم معرفي وال بتحليل الخطابات االستشراقية املوجهة لهم على أساس تاريخي فيلولوجي. يعرف املـؤلـف االسـتـشـراق على أنــه «الــدراســات التاريخية التي قــام بها الــغــربــيــون لــلــتــراث اإلســالمــي األول مـنـذ الــقــرن الــتــاســع عـشـر إلـــى وقتنا الحالي إضـافـة إلــى املـوقـف مـن الفيلولوجيا وهــي الــدراســة التي تعتمد على مقارنة النصوص ونقد املصادر نقدًا تاريخيًا علميا»، سـتـة عـشـر مــحــور يــعــرض مــن خـاللـهـا املــزوغــي أفــكــاره في 215 صفحة يثير فيها إشكاالت عـدة منها «صالح: الوعد والــوعــيــد»، «الفيلولوجيا.. رأس األفــعــى»، «الــحــوار املهزلة ردود املستشرقن األولى»، و«آثار أركون الدائمة والعابرة»، ومـــن جــهــة أخــــرى يـسـلـك املـــزغـــوي ســلــوك املــحــلــل ملــا يقدمه أشـبـاه املستشرقن كما يشير فـي فصل «االحـتـكـاك املباشر بــاملــســتــشــرقــن وأشــــبــــاه املــســتــشــرقــن» إلــــى حــقــيــقــة لويس وغرونباوم وغيرهما. فــهــو يـــرى أن مــعــلــومــات بـــرنـــارد لــويــس مــثــاال للمستشرق املأجور للمخابرات االنجلو أمريكية كما يصفه «مستمدة من املوسوعات الغربية ويمكن أن يحصل عليها أي دارس مبتدئ من املكتبات العمومية أو الجامعات الغربية»، يراه أبعد ما يكون عن الباحث الفيلولوجي هدفه يتجلى في محاباة املسلمن لتحقيق مخطط تخريبي.