إسقاط املعايير من اإلدارة احلكومية
بما أننا ندور اليوم في فلك املفاهيم الجديدة التي قامت عليها عمليات التطور والتحديث حول العالم بصنوفه السياسية واالقتصادية واالجتماعية، إلى متى وتقارير الــــــوزارات والــهــيــئــات واملــؤســســات الـحـكـومـيـة تـخـلـو من املعايير املهنية ومؤشرات الكفاية املتعارف عليها عامليا، خــصــوصــا بــعــد أن أصــبــحــت هـــذه املـــؤشـــرات واملعايير علوما هامة في عملية تقويم الكفايات! فاعتماد املعايير ووسـائـل القياس هـي الخطوة األولى نحو تحسني الخدمات الصحية والتعليمية واالجتماعية واإلسكانية وغيرها، وهي األداة األساسية التي يفترض أن تنطلق من نتائجها عمليات التخطيط والتنفيذ في آن واحد. كيف يمكن لجامعة (س) أن تقوم بتطوير أدواتــهــا في تأهيل وبناء اإلنسان طاملا ليس ثمة معايير محايدة أو أساليب قياس مقننة من داخل أو خارج الجامعة تفحص هذا الخريج وتقيس األثر ومدى انعكاس هذا التعليم من خالل متوسطات أكاديمية ومهنية ومهارية؟ وكيف تستطيع وزارة الصحة أن ترفع من جودة خدماتها أو تزرع روح التنافس بني مستشفياتها طاملا ليس ثمة معايير معتمدة ومطبقة للجودة والقياس وفق املعايير الـصـحـيـة املــتــعــارف عـلـيـهـا، خــصــوصــا فــي ظــل إحجام املؤسسات الصحية عن االشتراك في مؤسسات االعتماد والجودة الصحية حول العالم؟ ملــاذا نتجنب كل وسائل القياس والـرصـد النوعي بهذه الـصـورة، ونجنح للكمي فقط ونمتنع عن االنـخـراط في مرجعيات املؤشرات واملعايير املتعارف عليها عامليًا وفي كل شيء تقريبًا؟ وملـــن يـخـلـط بــني االثــنــني، فـاملـعـيـار criteria يختلف عن املــؤشــر ،indicator فـاملـعـيـار فــي «الــكــبــســة» هــو نكهتها وجــــودة مــذاقــهــا، لـكـن املــؤشــر هـنـا يـكـمـن فــي مـــدى مدح الضيوف لها وردة فعلهم بعد تناولها.