Okaz

‪Y U¦ « ŸUDI « ÂUEŽË s¹bŽUI²*« r(‬

-

ال يمكن الجمع دائما بني الفشل والنجاح في يد واحدة. فال يمكن أن تنجح نجاحا باهرا في مجال وتفشل فشال ذريعا والبيئة واحــدة واملرجعية واحــدة، وال يمكن أن تجمع بني العشوائية والـفـوضـو­يـة فـي يـد والتخطيﻂ والتنظيم ورســم األهداف واإلسـتـرا­تـيـجـيـات فـي يـد واحـــدة، فتنتظر معجزة لحل لغز املنتجات النهائية. ال أظـــن أنــنــي أتـــجـــا­وز الـحـقـيـق­ـة إذا قـلـت إن أســــوأ نــمــوذج للجمعيات السعودية األهلية والقطاع الثالﺚ عموما هو نموذج الجمعية الوطنية للمتقاعدين، وإن أسوأ تجربة يمكن االستشهاد والبرهنة على فشلها إداريا وتنمويا واجتماعيا هي تجربة الجمعية الوطنية للمتقاعدين، رغـم كل ما يتوافر لها وبها من فـرص نجاح قد ال تتوافر لغيرها من جمعيات ومؤسسات في القطاع الثالﺚ. نعم.. هناك نماذج فشل كثيرة يعج بها القطاع الثالﺚ السعودي، لكن الذين عاصروا الطموحات الكبيرة والجهود املضنية التي ولدت معها وانطلقت بها الجمعية الوطنية للمتقاعدين، والذين حملوا لواء النهوض بحاضر ومستقبل املتقاعدين كشريحة عريضة ومتنامية في املجتمع الـسـعـودي يــدركــون حجم االنـتـكـا­سـة ومبلغ خيبة األمــل الـتـي تكسرت على صخورها سفينة تلك التطلعات وحجم التيه الذي وصلته بعد أن تعاقبها بعض الربان الذين ال يعرفون من اإلدارة سوى الوجاهة وربما مآرب ال يفصحون عنها. لقد انزلقت الجمعية الوطنية للمتقاعدين بكل طموحات الرعيل األول إلى وحل عميق وتنتظر تدخال يرمي لها بحبال اإلنقاذ فيعيدها إلى مسارها الصحيح والجادة الطبيعية. قد يكون نظام الجمعيات سببا من أسباب هـذا الفشل لهذه الجمعية وربـمـا مـع غيرها مـن جمعيات ومؤسسات القطاع الثالﺚ، وقــد تكون بعض العقليات اإلدارية التي تدير تلك الجمعيات عاجزة عن فهم معنى القطاع الثالﺚ، فتسببت ذلك بفشل وتعطيل هذا القطاع وهدر موارده الـبـشـريـ­ة واملــالــ­يــة، لـكـن املــؤكــد أن تــدخــال مــا أصــبــح حتميًا وضروريًا ومـلـحـًا لــوقــف هــدر الــفــرص وإلنــعــا­ش قـلـب الـقـطـاع الـثـالـﺚ وشرايينه وأوردته في اململكة ليس بالترقيع وتشكيل مجالس إدارة مؤقتة، إنما بالتدخل مؤسسسيا وتشريعيا أو إداريا وتقنيا إلطالق القطاع الثالﺚ ووضعه على السكة الصحيحة أسـوة بغيره من القطاعات، بل ولوقف هدر واحدة من موارد املجتمع الحيوية واملتمثلة بفئات مثل املتقاعدين وغير املتقاعدين بما يعود عليهم وعلى املجتمع والسوق املحلي ككل بأفضل الحلول االجتماعية واالقتصادي­ة فضال عن الحياة الكريمة لهم وألسرهم. مـن نافلة الـقـول اإلشـــارة إلــى أن القطاع الثالﺚ دخــل ضمن اهتمامات الرؤية 2030 حيﺚ من املقرر أن يسهم هذا القطاع بنسبة %5 في الناتج اإلجـمـالـ­ي فضال عـن إسهامه املتوقع بعشرات آالف الـفـرص الوظيفية خــالل ســنــوات الــرؤيــة ،2030 لكنني لست مـتـأكـدا مــن إصـــالح ونجاح القطاع الثالﺚ وتحقيق الدور املخطﻂ له في الرؤية، مادام يعمل تحت إشراف وزارة العمل والتنمية االجتماعية، معقل البيروقراط­ية وحاضنة «مشي حالك» ألن فاقد الشيء ال يعطيه ببساطة. في ظني ال بد من سلﺦ القطاع الثالﺚ تماما عن وزارة العمل والتنمية االجتماعية تحت مظلة تـشـرف عليها هيئة مستقلة تتمتع بمرونة إداريـة ومالية. من املهم أن يكون على رأس تلك الجمعيات واملؤسسات مديرون تنفيذيون بكفاء ة مديري القطاع الخاص، وال يمكن ترك املسألة للعشوائية والعقلية التقليدية القاصرة لفهم العمل التطوعي. هناك أسئلة ال بد من مواجهتها عند مراجعة أو دراسـة تاريﺦ جمعية مثل الجمعية الوطنية للمتقاعدين، فـلـمـاذا املـتـقـاع­ـدون إلــى اﻵن هم خارج النظام الصحي؟ وملاذا املتقاعدون إلى اﻵن هم خارج النظام املالي والبنكي؟ وملاذا املتقاعدون إلى اﻵن خارج النظام االجتماعي؟ بل ملاذا املتقاعدون إلى اﻵن خارج منظومة املوارد البشرية؟ من املسؤول عن كل هذا التهميش االجتماعي واالقتصادي للمتقاعدين؟ هل هي مؤسسات التقاعد والتأمينات االجتماعية أم هي أنظمة الصحة واملالية والشؤون االجتماعية والعمل؟ أم هي الجمعية الوطنية للمتقاعدين؟ ربما يجدر بنا أن نسأل فـي الختام ســؤاال ال بـد مـن مواجهته قبل كل األسئلة وهو هل املتقاعدون كائنات اجتماعية أم هي كائنات اقتصادية؟ وملـــــاذ­ا ال يــكــون املــتــقـ­ـاعــدون كــائــنــ­ات اجــتــمــ­اعــيــة واقــتــصـ­ـاديــة كسائر املواطنني والبشر الذين فهموا قيمة املتقاعدين وقدراتهم فأسندوا لهم مهمة إعادة كتابة تاريﺦ الوطن ومراجعته؟.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia