Okaz

توازن الرعب في الشمال السوري

-

دائــــرة الــصــراع الــســوري عـسـكـريـا فــي الـعـامـني املاضيني، لتداخل الجيوش اإلقليمية والدولية في رقعة ضيقة في الشمال الـسـوري بسبب تعقيدات الـحـرب وتغيير التحالفات الداخلية مـع القوى الدولية، خصوصا بعد أن ربطت وحدات حماية الشعب الكردية مصيرها بالقوة األمريكية، وأصبحت ذراعـهـا العسكرية في املنطقة؛ األمــر الــذي دفـع تركيا إلى الـتـدخـل الـسـريـع الــعــام املــاضــي وتشكيل درع الــفــرات املــكــون مــن معظم فصائل الجيش الحر في الشمال السوري. وبعد تشكيل «درع الفرات» الذي كان له الفضل األول في طرد تنظيم داعش من ريف حلب الغربي، بدعم الجيش التركي وطيران التحالف الـدولـي، باتت هناك ستة جيوش عمالقة في الشمال الـسـوري (الجيش الروسي – األمريكي- التركي- جيش النظام- امليليشيات الكردية- فصائل الجيش الحر). ومن مدينة منبج شرقا إلى مدينة الباب غربا، باتجاه مدينة حلب جنوبا، تنتشر الجيوش الستة، فيما يجمعها اتفاق ضمني على عدم االشتباك، باستثناء املناوشات التركية ـ الكردية بني الفترة واألخرى. ستة جيوش تنتشر في الدائرة الواسعة من مدينة منبج إلى مدينة الباب، بمسافة ال تتجاوز ‪65 -50‬ كيلومترا؛ ففي مدينة الباب تسيطر فصائل الجيش الحر ومعها القوات التركية، وعلى بعد كيلومترات من جنوب الباب إلى مدينة حلب تسيطر قوات النظام. ومـن الجهة الغربية من مدينة منبج تتمركز قـوات «درع الـفـرات» (فصائل الـجـيـش الــحــر) بــدعــم تــركــي، وبـيـنـمـا تــقــدم الـجـيـش الـــروســ­ـي فــي وقـــت ســابــق من منطقة جب الحمرا، تسيطر على قلب املدينة القوات األمريكية وتبقى قوات سورية الديموقراط­ية في أطراف املدينة ـ حسبما تقول ـ مستعدة في أية لحظة للدخول في مواجهة مع تركيا في حال قررت أنقرة االقتراب من املدينة. إال أن كل املصادر تجمع وتؤكد أن هذه القوات أصال متواجدة في مدينة منبج. هذا التزاحم العسكري، من مدينة منبج باتجاه مدينة الباب، صورة واقعية صادقة لطبيعة التنافس الدولي على محركات الصراع في الشمال السوري، وهي صورة مرعبة توحي باالنفجار في أية لحظة. وهـذا ما عبرت عنه ناشيونال انترست األمريكية، بقولها «فـي حـال بقيت منبج تحت سيطرة قـوات سورية الديموقراط­ية، فـإن أنقرة تعتبر ذلك خطرا على أمنها وسيستمر الصراع على هذا املنوال وقد تصبح ساعة الحرب وشيكة بني األطـراف التي كانت تعتبر حليفة حتى الوقت القريب. واعتبرت املجلة أن ما تخشاه الواليات املتحدة هو انجرار األكراد إلى صراع مع األتـراك، وهم أيضا حلفاء ألمريكا، وإن حصل ذلك فسيحدث مأزقا لدى املخططني العسكريني األمريكيني. وبطبيعة الحال حالة الثبات على هذا الواقع ليست مرضية للكثير من األطراف؛ فالجيش التركي الذي ينتشر في مناطق واسعة من الشمال السوري، ال يبدو منسجما مع الواقع الحالي وأمامه امليليشيات الكردية «قوات سورية الديموقراط­ية»، خصوصا في مدينة منبج وتل رفعت، إذ يفصل بينهما أقل من عشرة كيلومترات. وكذلك األمر بالنسبة للجيش الحر الذي توقفه التفاهمات الدولية الستعادة تل رفعت وغيرها من املدن األخرى. بينما تخشى القوتان الكبريان روسيا وأمريكا انهيار هذا التوازن في الشمال السوري وتغييرا في قواعد االشتباك.. وبطبيعة الصراع السوري ال يبدو أن هذا التوازن سيستمر، إذ ال بد من طرف يكسر هذا التوازن في لحظة ما.. وربما مبررات األمن القومي التركي ضد وجود األكراد في مناطق الشمال هو من يدفع إلى كسر حالة الثبات.. خصوصا أن تركيا أكدت في كل مرة أن أمنها القومي خط أحمر، ويساعدها في مواجهة تمدد قوات سورية الديموقراط­ية والسيطرة «درع الفرات».. وكذلك قوة االنتشار في الشمال السوري.

 ??  ?? «عكاظ» على خطوط التماس بين درع الفرات وقوات سورية الديموقراط­ية قرب منبج.
«عكاظ» على خطوط التماس بين درع الفرات وقوات سورية الديموقراط­ية قرب منبج.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia