صغير».. هل يذكر الروائي مصادره التاريخية؟
أن مــوضــوع الــروايــة عـنـدمـا يتكئ عـلـى حدث تــاريــخــي، أو شخصية مـسـتـوحـاة مــن التراث، أو تتبع خطى رحـالـة مــا؛ فيستحيل أن ندعي أننا لم نعد إلى مصادر ومراجع اعتمدناها في تشكيل الحدث، أو رسم خط سير الرواية، حتى عندما نكتب في غير التاريخ والـتـراث، العمل الــــروائــــي يـتـطـلـب مــنــا الــبــحــث والــتــقــصــي، قد نستفيد من بعض املصادر وقد ال نستفيد، لهذا نسمي الــروايــة «عـمـل» ألنــه يتطلب منا جهدا وبحثا. وأضاف الزهراني: بالنسبة لي لم أجد أي حــرج أن أذكــر فـي آخــر روايــتــي «الفيومي» املصادر التي رجعت لها أثناء كتابتي للرواية، حتى أنني ذكرت أعماال مازالت مخطوطة ولم تنشر، فـي املـقـابـل وقفنا جميعا على روايات تاريخية لم تشر إلى مصادرها، ال أدري ربما الفن ال يحاسب بصرامة في هذا الشأن. ويتساءل الزهراني ملاذا ال يشير كتاب الرواية، خصوصا التاريخية، للمصادر فـي أعمالهم، إن كــان حقا استعانوا ببعض املـصـادر بشكل مــــبــــاشــــر؟، مــســتــشــهــدًا بـــمـــاركـــيـــز فــــي روايته «غانياتي الحزينات» الذي ذكر جملة مقتبسة مـــن روايـــــــة يـــاســـونـــاري كـــوابـــاتـــا «الجميالت الــنــائــمــات» كــإشــارة إلـــى أن هـــذا الـعـمـل ألهمه لكتابة روايته التي بني أيدينا، هنا أمر ألطف بكثير من مسألة العودة لكتاب ما، واالستفادة مــنــه بــشــكــل مـــبـــاشـــر، مــــع اســتــيــعــابــنــا ملسألة املعالجة الفنية التي هي بمثابة بث الروح في كـيـان مــا. فيما رأى الــروائــي والـكـاتـب إبراهيم شحبي أن كـل الــروايــات التاريخية تـعـود إلى مـــصـــادر وتـــأخـــذ األحــــــــداث مـــن كــتــب التراث، واإلرث التاريخي مشاع يفيد منه الروائي وال يتمثله وهـو ما فعله علوان من خـالل مصادر كثيرة ليس كتاب كلود عداس فقط بل من خالل كتب ابن عربي ورسائله. ويعزو شحبي نجاح علوان في البناء الفني وتسلسل السيرة واللغة املعبرة إضافة إلى تجاوزه ملبالغات املؤرخني وتهويمات املتصوفة التي سقطت فيها كلود عـداس وغيرها من املؤرخني وكتاب التصوف مثل لقاء ابـن عربي مع األنبياء وشفاعته عن الــنــاس، والــزعــم بــأن الــواليــة أفـضـل مـن النبوة يكشف مدى الوعي والجهد الذي بذله علوان في تقديم رواية رائعة ونظيفة تستحق اإلشادة. أمـا الـروائـي مقبول العلوي فقد رأى ابتداء أن محمد حسن علوان استحق البوكر عن جدارة واستحقاق، ألنه روائي متمكن من أدواته جيدا وكل منصف يشهد ببراعته وموهبته، مضيفًا «ال أفـــهـــم ســـر كـــل هــــذا الــلــغــط حــــول حصوله عـــلـــى هـــــذه الــــجــــائــــزة وخـــصـــوصـــا مــــن بعض الكتاب العرب وما زلت مستغربا ملـاذا كل هذا الضجيج؟». وأضــاف العلوي أن كاتب الرواية التاريخية البـد أن يلجأ للمصادر التاريخية وخــصــوصــا الــتــاريــخ االجـتـمـاعـي الـــذي يعنى باملعاش اليومي املعتاد في حياة الناس ومن وجـهـة نظر شخصية ال أرى مـا يمنع مـن ذكر املـصـادر وخصوصا إذا كـان هناك نقل حرفي لبعض األحــــداث مــع مــراعــاة اسـتـخـدام قوانني االقتباس املتعارف عليها. أما إذا كان التعامل بروح النص ال حرفيته فال ضرورة لذلك لسبب بسيط هو أن هناك فرقا ما بني كتابة التاريخ بمعناه املجرد وبـني كتابة الـروايـة التاريخية بـاسـتـخـدام تـقـنـيـات الــســرد املختلفة واالتكاء على سير األحـداث التاريخية دون اللجوء إلى النقل الحرفي املباشر.