` UB*« ` UBð
أعلن الرئيس ترمب أنه سيشرفه أن تكون السعودية أولـى محطة زياراته الخارجية، سيلتقي فيها خادم الحرمني الشريفني لتفعيل العالقات الثنائية بني البلدين، ثم يجتمعان بقادة دول إسالمية أخــرى لوضع بروتوكول جديد ملحاربة اإلرهـــاب، ربما يتمخض عن حلف عسكري بقيادة أمريكا، وهذه أخبار سارة ومطمئنة، أن يعرف «الحليف اإلستراتيجي» حقائق املنطقة، بدال من الضبابية والـعـجـز الـلـذيـن كــان عليهما سلفه الـرئـيـس أوبــامــا، وأن السالم في طريقه للمنطقة بعد نـزع فتائل إشعاله من الالعبني بها من ميليشيات دينية أو حزبية أو دول مارقة، ثبت تورطها في إشعال الفﱳ الطائفية ألجندة سياسية تهدف للسيطرة على املنطقة. وألن الـرئـيـس تــرمــب رجــل عملي بـراجـمـاتـي مــن الــدرجــة األولى، تــذكــروا تــحــول لهجته فــي مـخـاطـبـة مـــارق كــوريــا الـشـمـالـيـة، من التنديد بـه إلــى الــتــودد إلـيـه لالجتماع بــه، خلفيته كـرجـل أعمال ماهر تسعفه في عقد التحالفات وإن كـان على شكل صفقات، أو هكذا بدت مع أملانيا أوال ثم مع الصني، ويحاول اﻵن مع روسيا، وربما ينجح فهذه وسيلته الوحيدة إلنقاذ اقتصاد بالده وإبقائها دولة عظمى لها كلمة مسموعة في املحافل الدولية. هذه الصفات في السيد ترمب ال تزعجنا في شيء، بل مرحب بها، فهي تعطينا الفرصة للتفاوض معه فـوق الطاولة، وليس من تحتها كما كان يحبذ من سبقوه في الرئاسة، ونحن سعيدون أنـه بعد املئة يوم األولى في الحكم تغيرت مفاهيمه عن اإلسـالم، وإن بعد صدامات مع مواطنيه املسلمني، فصار يفرق بني إسـالم معتدل سمح وآخر متطرف مغال، وكان في السابق يعمم القول. يهمنا أن يـعـيـد الـسـيـد تــرمــب تـعـريـف اإلرهـــــاب املــــراد محاربته، تعاريف اإلدارات األمريكية السابقة كانت مائعة عائمة، ثم تحديد املــتــعــاونــني مـــع اإلرهــــــاب لـوجـسـتـيـا وعـــتـــادا وتــدريــبــا وتمويال، لنخلﺺ إلى املعانني من شـرور اإلرهــاب إقليميا ودوليا، وأخيرا تحديد مسؤولية كل طرف في هذه الحرب القادمة ضد اإلرهاب، لوجستيا وعتادا وتدريبا وتمويال. تجاربنا الناجحة في مكافحة اإلرهاب تؤهلنا للمشاركة دوليا. القضية األهم هنا أنهم يتحدثون كثيرا في الغرب عن تطبيق نموذج «وستفاليا»، الذي أوقف حرب الثالثني عاما في أوروبـــا، على نـزاعـات املنطقة بضمانات دولية حقيقية، لــفــرض مــبــدأ الـتـعـايـش بــني األديــــان واملـــذاهـــب، وتوقف األطـــراف عــن ادعـــاء ملكية الحقيقة املطلقة، وأن األمــن الجماعي يتطلب حــوارا شفافا. ونحن ليس لدينا إشكالية فـي ذلــك، فهذه من مبادئ ديننا السمح، اإلشـكـال لـدى من يريد فـرض نفسه قوة إقليمية مذهبية. كــل هــذا يتطلب حـــوارا صـريـحـا، الـتـقـاء املـصـالـح أمــر مـفـهـوم في عالم السياسة، ليس بالضرورة حوار أصدقاء، فليس في السياسة صداقة، إنما متنافسون يعتمدون على بعضهم بعضا في تحقيق مصالح مشتركة أو حتى متنافرة، فــﺈذا كــان الــدفــاع عـن مصالح السعودية مكلفا، وهو أمر يمكن تدبيره من أكثر من مصدر ذاتي وخارجي، ولنا تجاربنا الناجحة في تشكيل التحالفات الدولية في السلم والحرب، فﺈن الدفاع عن مصالح أمريكا أكثر كلفة، ووحدها ال يمكنها القيام به.