Okaz

ﺃﻓﻴﺎﺀ ‪°V²J « o¹e9‬

-

ليس أمـرا جديدا علينا أن نشاهد أحيانا بعض الطاب فـي إثـر انتهاء كـل اختبار، يعبرون عـن بهجتهم بإنهاء اخـتـبـاره­ـم بـقـذف كتبهم الـدراســي­ــة أو تمزيقها أو حتى حرقها في بعض املــرات، ليس جديدا علينا هذا املشهد، فهو تقريبا يتكرر في نهاية كل عام دراســي، وكنا ننظر إلــيــه كــحــدث مــعــتــا­د ال يــثــيــر غــضــبــا وال يــحــدث جلبة، باستثناء هذا العام! فـي هــذا الـعـام أثــار تمزيق بعض طــاب إحــدى املدارس لكتبهم الدراسية ضجة كبيرة، ربما ملا أعقبه من نتيجة، فبسبب تـمـزيـق الــطــاب للكتب، أقــيــل مــديــر املــدرســ­ة من منصبه، فكانت الضجة! انصرف اهتمام الناس من مناقشة الحدث نفسه، وهو تمزيق الطاب للكتب، إلى مناقشة الحدث الذي نجم عنه وهو إقالة مدير املدرسة! فتمزيق الكتب أمـر مألوف بالنسبة لنا، أمـا إقالة مدير املدرسة بسبب عدم انضباط سلوك طاب مدرسته، فإنه أمـــر جــديــد عـلـيـنـا، لــذلــك هــو يـثـيـر فـيـنـا الــدهــشـ­ـة، وربما أحدث غضبا لدى بعضنا! لكن الـسـؤال األهــم الــذي يجب أن يشغل أذهاننا جميعا هو: ملاذا يمزق الطاب كتبهم الدراسية؟ ما الذي يدفعهم إلى ذلك؟ إن من يتأمل تعبيراتهم وهم يطوحون بها، ياحﻆ الفرح واالبتهاج يرتسم على وجوههم وتنطق به أصواتهم، فهم سعيدون بتمزيق كتبهم، فما الذي يسعدهم في ذلك؟ إن هذا السؤال هو ما يجب أن يشغل أذهاننا جميعا بدء ا من وزير التعليم وانتهاء بأصغر معلم في املدرسة. فاالبتهاج بتمزيق الكتب يحمل معاني االنتقام منها، يعبر عن فرط الكراهية لها، فلم يكره أولئك الطاب كتبهم الدراسية إلى حد التلذذ بتمزيقها؟ إن األطفال ال يمزقون صورا جميلة تعجبهم، وال يمزقون قصصا مشوقة تجذبهم، بل إنهم ال يمزقون ما كان مساملا ال يثير في نفوسهم أذى وأملا، هم يمزقون ما يرهقهم، ما يخيفهم، ما ينفرهم، ما يغضبهم، التمزيق هو وسيلتهم للتعبير عــن اسـتـيـائـ­هـم مــن مـعـانـاتـ­هـم مــع مـحـتـوى تلك الكتب طيلة شهور العام الدراسي. قبل أن نلوم الطاب أو نلوم معلميهم، ليتنا نلقي نظرة على محتوى كتبهم، فنتأمل كم هو ثقيل وجامد وبعيد عـــن واقــــع حــيــاتــ­هــم، وكــيــف أنـــه يـخـلـو مـــن الــجــمــ­ال ومن الجاذبية، ومع ثقله وعدم جاذبيته، مطلوب منهم حفﻆ ما فيه، فيظل الصغار يعانون األمـريـن قبل أن يتمكنوا من حشو ما في الكتاب داخل ذاكرتهم، حتى إذا ما أنهوا اخــتــبــ­اراتــهــم، تـنـفـسـوا الــصــعــ­داء وتــراكــض­ــوا إلــى تمزيق الـكـتـب، كمن يــبــادر إلــى تقيؤ مــادة سـامـة ابتلعها بغير إرادة منه. قــد يــقــول بـعــض الـــنـــا­س، إن الــطــاب لــم يـلـقـنـوا احترام الكتاب وحبه ولذلك هم يمزقونه، لكن من يقول هذا الكام يغفل عن إدراك حقيقة ال يمكن إغفالها، وهي أن الحب ال يتولد في القلب بالتلقني، ال يمكنك أن تطلب من الطالب أن يحب الكتاب فيحبه، الحب يولد تلقائيا في النفوس عندما توجد العوامل التي تعني على والدته. واجبنا، الــذي لم نــؤده كما يجب، أن نعني أوالدنــا على حب الكتب عبر تحسني محتواها، وجعل تعلم ما فيها متعة تسعدهم، ال مشقة تخنقهم.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia