Okaz

إيران على مفترق طرق

- عبداهلل الغضوي (إسطنبول) @GhadawiAbd­ullah

استغلت إيران ثماني سنوات من إدارة الرئيس األمريكي باراك أوباما في ابتزاز املجتمع الدولي في امللف النووي. في هذا امللف تاقت الرغبات األمريكية األوباموية مع طموحات إيران الضارة باملنطقة. وقد دفع أوباما دول االتحاد األوروبي إلى قبول هذه التسوية النووية «املخيبة» بأي ثمن وكانت النتيجة صفقة شرعنت من خالها إيران مشروع الشر الكبير في الشرق األوسط. كـان من املفترض بموجب هـذا االتفاق أن تتحول إيــران إلـى دولـة عاقلة مقبولة في محيطها، إال أنها ظنت أنها بهذا االتفاق ستكون الطفل املدلل ألوباما، ونشرت ميليشياتها في اليمن وسورية والعراق، وكأن هذا التمدد الطائفي الجزء «غير املباح» من االتفاق النووي، فقد شهد العام 2016 توغا إيرانيا واسعا في املنطقة، إلى حد باتت النخبة السياسية اإليرانية تجاهر بمشروع الهيمنة على املنطقة، وظهر العديد من املسؤولني اإليرانيني يتحدثون عن جيوش امليليشيات في الدول العربية. بينما إدارة الرئيس باراك أوباما تـلـتـزم الـصـمـت حـيـال كــل مــا يـجـري من مذابح على يد الحرس الثوري اإليراني في الـدول العربية. مجيء الرئيس دونالد ترمب إلى سدة الحكم في البيت األبيض، قلب املعادلة السياسية في املنطقة والعالم عموما، حدد منذ البداية استراتيجيت­ه وخطه السياسي، معتبرا أن إيــران هي الشر املطلق والـدولـة اإلرهابية األولـــى فـي الـعـالـم. كـانـت األيـــام األولـــى مـن إدارة ترمب صـب جــام الغضب األمريكي على نظام املـالـي، وتنافس قادة أمريكا على التصعيد ضد إيران، في إشارة إلى أن هذه الــدولــة ستكون الـهـدف األول فـي السياسة األمـريـكـ­يـة. الصغط األمــريــ­كــي عــلــى الــنــظــ­ام اإليــــرا­نــــي، كــانــت نــتــائــ­جــه واضـــحـــ­ة على السياسة اإليرانية، فالرئيس حسن روحاني أوفد عدة شخصيات إلى الكويت يطلب الحوار السياسي مع دول الخليج، بل زار الكويت وعمان في يوم واحد يستجدي التفاهم مع دول الخليج بعد أن كانت ميليشياته خايا نائمة في البحرين. بدت إيران في عهد ترمب خانعة ألمريكا الجديدة، تتلقى الصفعات في كل يـوم، أغلقت في وجهها كل األبــواب األمريكية، بينما يـسـرع مندوبها فــي األمـــم املـتـحـدة إلــى إرســـال رســائــل «حــمــام» إلــى األمـــني العام لأمم املتحدة داعيا للحوار مع دول املنطقة.. لكن مثل هذه املراوغات والتلون مع املرحلة لم تعد مجدية، فإيران باتت دولة مجربة، ذلك أن املؤمن ال يلدغ من جحر واحد مرتني. اليوم إيران على مفترق طرق، إما أن تتحول إلى دولة محترمة هادئة وتسحب كل ميليشياتها من الدول العربية، أو أمامها خيار املواجهة مع الرئيس ترمب، ولعل الفارق بني القوتني والدولتني ال يمكنها من املواجهة، وربما ستلجأ إلى املناوشات هنا وهناك.. لكن هذا لن يطول كثيرا، فاللحطة الحاسمة قادمة ال محالة على نظام املالي.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia