ريادة األعمال.. الصورة احلقيقية
فيما ظلت نظريات الحكم واإلدارة في العالم تتنازعها نظريتان متناقضتان؛ إحداهما تؤيد تقليص تدخل الدولة في االقتصاد إلى أدنـى درجـة ممكنة، والثانية تدعم فكرة االقتصاد املوجه، ظهرت في أدبيات العلوم االقتصادية فكرة يتسع نطاقها على مستوى العالم يومًا بعد آخر، وهي ريادة األعمال، التي تع ّرف في االقتصاد السياسي بأنها عملية البدء في مشروع تجاري وتوفير املصادر الازمة له، فيما يعرف رائد اإلعمال بأنه الشخص الذي لديه القدرة على تحويل فكرة ما إلى ابتكار تجاري ناجح، فما نصيبنا من هذه الريادة التي تجتاح العالم يا ترى؟ قبل اإلجابة عن السؤال ينبغي أن ندرك أنه في ظل هذا املفهوم االقتصادي الجديد تتسابق اليوم كل دول العالم على تقديم برامج لتحفيز ريــادة األعمال في الوقت الـذي تتسابق املنظمات الدولية على خلق املؤشرات التي تعنى بقياس جودة وتراتبية وكفاءة ريادة األعمال عبر تقييم املواقف واملشاريع والقدرات، فمثا تجد أن املعهد العاملي لريادة األعمال في واشنطن يصدر تقريرًا سنويًا يتم من خاله تصنيف الــدول وفق 15 عاما من بينها ابتكار العمليات ونشوء املهارات والدعم الثقافي ونسبة النمو وقبول املخاطر وابتكار املنتجات وغيرها. وألن ريادة األعمال لم تعد ترفًا اقتصاديا وإنما القاطرة التي تــقــود املــشــاريــع االقــتــصــاديــة والــتــجــاريــة لــأفــراد واملؤسسات الصغيرة واملتوسطة، كـان البـد أن نولي هـذا املـوضـوع أهمية قــصــوى تــتــجــاوز عــقــد املـــؤتـــمـــرات ورفــــع الـــشـــعـــارات والتغني بــإنــجــازات فــرديــة ال تعكس الــواقــع والـتـحـديـات لتحقيق هذه الــريــادة، آخـذيـن بعن االعـتـبـار مـا قـالـه «إدوارد الزيـــر» أستاذ االقــتــصــاد فــي جـامـعـة ســتــانــفــورد يــومــا مـــا، وهـــو «أن نوعية التعليم وخبرة العمل هما العامان األساسيان في تميز رواد األعمال عن غيرهم». وألننا ال يمكن أن نقفز على هذين العاملن الهامن، فإن التقدم الــذي نحققه فـي هــذا املـجـال يرتبط حقيقة بمستوى التعليم والــتــدريــب وخــبــرة العمل ومــنــاخ التمويل الـتـجـاري وغيرها، وهــذه كلها لـأسـف يقل نصيبنا فيها مقارنة بــدول تقل عنا بكل شــيء، والـدلـيـل هـو الــدراســة الـتـي قـامـت بها جامعة عفت الــتــي تشير إلــى أن نسبة الـتـوظـيـف فــي املــؤســســات الصغيرة واملتوسطة ال تزيد عن ،%25 وهو معيار كاف على كفاءة هذه األعمال، ومدى ريادتها إذا ما علمنا أن هذه النسبة ترتفع إلى الضعف في الـدول التي حققت تقدمًا حقيقيا في هذه األعمال على أرض الواقع.