ﺗﺠﺎﻭﺯ »ﺍﻟﻐﻴﻤﺔ«
ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﺯﻳﺎﺭﺓ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ 11/9
مـــنـــذ الـــلـــقـــاء األول الــــــذي جـــمـــع مـــؤســـس الــــبــــالد امللك عبدالعزيز بن عبدالرحمن والرئيس األمريكي روزفلت عـلـى ظـهـر املــدمــرة األمـريـكـيـة «كـويـنـسـي» عـــام 1945 (بــعــد 14 عــامــًا مـــن اعـــتـــراف واشــنــطــن بـاملـمـلـكـة دولة مستقلة)، أدرك البلدان أهمية التحالف ووجدت واشنطن في الرياض ثقال إسالميًا وعربيًا وقدرة على التأثير في املحيط العربي واإلسالمي. ويذهب مراقبون إلى أن لقاء «كوينسي» يعد أول قمة «سعودية – أمريكية»، رغـم أن مراجع تاريخية عـدة تشير إلـى إرســال امللك عبدالعزيز ابنيه األميرين –آنذاك- فيصل وخالد إلى واشنطن ملقابلة الرئيس فرانكلني روزفلت قبل اللقاء الشهير بعامني، بعد دعــوة األخـيـر لتناول ملفات مهمة لعل أبـرزهـا «بحيرة النفط الكبيرة» الواقعة تحت أراضي السعوديني. ويصف محللون لقاء «كوينسي» بأنه جاء بمثابة انطالقة راسخة للتحالفات بني البلدين، وعززت األيام واملواقف ثقة قادة بـالد العم سـام بحصافة الـريـاض، ومواقفها املعتدلة في وقــت كــان العالم العربي يجنح إلــى اليسار. ورغــم بعض مراحل الفتور الذي أصاب العالقات السعودية األمريكية، إال أن إدراك اإلدارات األمريكية املتعاقبة أهمية الرياض، يجعل مــن «فــتــور الــعــالقــات» سـحـابـة صـيـف عــابــرة، ولعل فـتـرة الـرئـيـس األمـريـكـي الـسـابـق بـــاراك أوبــامــا، كـانـت آخر «سحابات الصيف» التي مـرت في تاريخ العالقة. ويحمل مسؤولون سعوديون كبار إدارة الرئيس األمريكي السابق مـسـؤولـيـة عــدد مــن املــلــفــات، لـعـل أهـمـهـا اســتــمــرار الـقـتـل في سورية، وإنقاذ إيران من الحصار االقتصادي، ما جعلها أكثر فاعلية في خططها التدميرية في املنطقة. وكان الرجل الثالث في اململكة ولي ولي العهد األمير محمد بن سلمان واضحًا عندما حمل الرئيس أوبـامـا تفويت فـرص الحل في سورية، مــا يــــراه مـحـلـلـون تـجـسـيـدًا لــلــمــزاج الــســعــودي تــجــاه اإلدارة األمريكية السابقة ودورها في عدد من امللفات. وبالعودة إلى قراءة العالقة طوال العقود السبعة، رسخ امللك املؤسس عالقة وطــيــدة مــع واشـنـطـن عـقـب لـقـاء الـرئـيـس روزفــلــت، واستمرت العالقات الديبلوماسية مع الواليات املتحدة األمريكية، وزار مـسـؤولـون سـعـوديـون «بــالد العم ســام» فـي أكثر مـن مناسبة كالتوقيع على اتفاقية تأسيس األمم املتحدة في يونيو ،1945 ومثل امللك عبدالعزيز ابنه فيصل في النقاشات ووقع وثيقة انضمام اململكة إلى األمم املتحدة. توجهت الطائرة امللكية السعودية بامللك سعود بن عبدالعزيز إلى واشنطن ليلتقي الرئيس األمريكي الـ43 دوايت أيزنهاور (صاحب التعديل الدستوري الـ22 الذي حدد حكم الرئيس بفترتني) عام ،1957 وبزيارة امللك سعود بن عبدالعزيز إلى واشنطن، يكون أول عاهل للمملكة الجديدة تحط طائرته في بالد «العم سام». وتـأتـي الــزيــارة امللكية السعودية عقب دور أيـزنـهـاور فـي إنـهـاء الــعــدوان الثالثي على مصر. ونـاقـش امللك سعود مـع مضيفه األمريكي مـبـادرة تحقيق السالم في الشرق األوسط، ومواجهة الزحف الشيوعي الذي كان الرئيس األمريكي أيزنهاور من أشد املناوئني له. كــرر املـلـك سـعـود زيــارتــه إلــى الــواليــات املتحدة األمـريـكـيـة، ولـكـن هذه املــرة بـدعـوة مـن الـرئـيـس جــون كينيدي عــام ،1962 وحـضـر امللف االقــتــصــادي بــمــحــور الــبــنــك الـــدولـــي فــي هـــذه الــــزيــــارة، وتقوية العالقات بني البلدين التي بدأت تنمو بسرعة فائقة. واستمرت الـلـقـاءات على مستوى الـقـيـادات التنفيذية بني الـبـلـديـن وعـلـى هــوامــش مـنـاسـبـات كـاجـتـمـاع الجمعية العمومية في األمم املتحدة. وفي عام ،1966 أطل امللك فيصل بن عبدالعزيز من واشنطن، والتقى الرئيس األمريكي الـ63 ليندون جونسون، ويرى مراقبون أن تلك الزيارة حملت عنوانا رئيسيا: (توسيع الشراكة السعودية – األمريكية) في عدد من القطاعات، وكان املحور العسكري حاضرًا وبقوة. وبعد زيارته األولى لواشنطن منذ تسلمه مــقــالــيــد الــحــكــم، بــخــمــســة أعـــــوام، الـــتـــقـــى املـــلـــك فــيــصــل الرئيس األمــــريــــكــــي الــــــــــ73 ريتشارد نيكسون في واشنطن، ولم تـــخـــتـــلـــف املــــلــــفــــات التي حــمــلــهــا املــــلــــك فيصل عــن زيــارتــه املاضية، بــــيــــد أن اإللـــــحـــــاح الــــســــعــــودي على تـــزويـــد اململكة بـــــــــطـــــــــائـــــــــرات كـــان عنوان الـــــــزيـــــــارة، حـتـى أن الرئيس نيسكون قال إن اإلدارة األمريكية «مستعدة لتبيع للسعودية كل ما تريد»، ما أثار اللوبي اإلسرائيلي في الكونغرس. وبـعـد ثـالثـة أعـــوام مـن زيـــارة املـلـك فيصل الثانية إلــى واشنطن ،)1974( حــلــقــت طـــائـــرة الــرئــاســة األمــريــكــيــة بــنــيــكــســون تجاه السعودية، وقابل امللك فيصل، ليكون أول رئيس أمريكي يزور أراضـي السعودية منذ لقاء امللك عبدالعزيز ورزفلت «البحري»، وكـــــان الــضــيــف الــكــبــيــر قـــد بــحــث مـــع الــســعــوديــني إنـــشـــاء لجنة اقتصادية مشتركة في جدة. ووفـقـًا للكاتبة رقـيـة الـزمـيـع فـي مقالة لها على «العربية نت»، فـــإن الــرئــيــس نـيـكـسـون رد عــلــى كـلـمـة املــلــك فـيـصـل الترحيبية في عام ،1978 زار الرئيس األمريكي الـ93 جيمي كارتر الرياض، والتقى امللك خالد بن عبدالعزيز وولي عهده –آنذاك- األمير فهد عبدالعزيز، وجاء ت فلسطني العنوان العريض للزيارة. واتجهت الـطـائـرة امللكية السعودية بـخـادم الحرمني الشريفني امللك فهد بن عبدالعزيز إلى واشنطن عام ،1985 والتقى الضيف السعودي الكبير الرئيس األمريكي الــ04 رونالد ريغان، وكانت تلك الحقبة بـدايـة تـجـاوز تلبد «سـمـاء الـعـالقـات» بـني البلدين، وبحث الزعيمان كيفية مواجهة الزحف الشيوعي، ودعم الشعب األفغاني ضد املحتل الروسي. وبعد اجتياح نظام البعث في العراق لألراضي الكويتية، بلغت الـعـالقـات الـسـعـوديـة األمـريـكـيـة أعـلـى مستوياتها، واستطاعت الـديـبـلـومـاسـيـة الــســعــوديــة جــر الــعــالــم إلـــى صـفـهـا ضــد القوات العراقية املعتدية، وزار الرئيس األمريكي الـ14 جورج بوش األب القوات الدولية لتحرير العراق قبل انطالق «عاصفة الصحراء» والــتــقــى املــلــك فــهــد والــشــيــخ جــابــر أمــيــر الــكــويــت. وبــعــد تحرير الكويت، بثالثة أعوام، زار الرئيس األمريكي الـ24 اململكة، والتقى خادم الحرمني الشريفني امللك فهد بن عبدالعزيز. وزار ولــي العهد –آنــــذاك- األمــيــر عبدالله بــن عبدالعزيز الواليات املتحدة أكثر من مــرة، والتقى الرئيس األمريكي بيل كلينتون في ،1998 وعـــاود الــزيــارة فــي ،2002 بعد أحـــداث الــــ11 مــن سبتمبر، والــتــقــى الــرئــيــس األمــريــكــي جـــورج بـــوش االبـــن فــي مــزرعــة األخير بتكساس، وهو ثاني اجتماع بني مسؤول سعودي ورئيس أمريكي عـقـب أحـــداث سبتمبر ،2001 إذا الـتـقـى وزيـــر الـخـارجـيـة األمير سعود الفيصل بالرئيس بوش بعد حادثة منهاتن. ويــحــســب لــــــإدارة الــســعــوديــة، قــدرتــهــا عــلــى تـــجـــاوز أزمــــة 11 سبتمبر التي هزت العالم، إذ عملت مع واشنطن في مالحقة اإلرهـابـيـني، حتى أن دوال غربية مدينة للرياض فـي إبطال عدد من العمليات اإلرهابية التي كانت على وشك الحدوث، بفضل جهاز االستخبارات السعودي. وفي ،2005 التقى ولي العهد األمير عبدالله بن عبدالعزيز بوش (االبن)، وخرجا ببيان مشترك يؤكد احترام الواليات املتحدة األمريكية للسعودية (كمهد لإسالم). وزار بــوش (االبـــن) الــريــاض عــام ،2008 والـتـقـى خادم الحرمني الشريفني امللك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، وفـــي مـنـتـصـف الــعــام ذاتــــه، زار بـــوش املـمـلـكـة للمرة الثانية في عام، والتقى املسؤولني السعوديني وعلى رأسهم امللك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز. توجه الرئيس األمريكي السابق باراك أوباما في فترة رئاسته األولى إلى اململكة في ثالث زياراته الخارجية، والتقى امللك عبدالله، وكانت سلبية الــدور اإليراني وصـلـت إلــى مـسـتـويـات كـبـيـرة فــي املـنـطـقـة، وناقش الــزعــيــمــان مــلــفــات دولــيــة عـــدة كـفـلـسـطـني والعراق والعالقات االقتصادية بني البلدين. وفي عام ،2010 التقى امللك عبدالله بن عبدالعزيز أوباما في واشنطن. وعاد أوباما إلى الرياض في يناير ،2015 والـتـقـى خــادم الـحـرمـني الشريفني املــــلــــك ســـلـــمـــان، وكــــانــــت الــــعــــالقــــات السعودية األمريكية وصلت مستويات من التوتر يصفها مراقبون بـ «امللحوظة»، وتلقى الرئيس األمريكي وجـهـات نظر السعوديني املنتقدة ألداء إدارته مع عدد من امللفات في العالم.