«خوارجالشعر» تربك الساحة.. وحترك مياهها الراكدة!
املسعودي: «اخلوارج» هم الرافضون لعمود الشعر العربي سعدية: لم يكن رأيك هكذا طوال معرفتي بك!
لم تنته القضية التي أثارها اإلعالمي والناقد علي املسعودي حينما وصــف الـحـداثـيـن بــــ«خـــوارج الـشـعـر» ونشرتها «عــــــكــــــاظ» فـــــي عـــــددهـــــا املـــــاضـــــي مـــــن صفحة «تـــفـــاصـــيـــل»، بـــل بـــــدأت مـــن جـــديـــد، لتثير أزمة كبرى في الساحة الشعرية، وتحرك مياهها الراكدة، وتفتح بابًا للنقاش بن الشعراء والنقاد. واسـتـغـربـت الـشـاعـرة الكويتية سعدية مـــفـــرح مـــا وصــــف بـــه املـــســـعـــودي شعراء التفعيلة، وقالت عبر حسابها في«تويتر» بـعـد ســاعــات مــن نـشـر املــوضــوع فــي «عكاظ»: «خــــــــــــــــــــوارج؟ يا للهول! رأي جديد هــذا؟ لم يكن رأيــك هكذا طــوال معرفتي بك وبـكـتـابـاتـك وبـعـمـلـك في الـــصـــحـــافـــة الشعرية وفـــــــــي مـــــجـــــال النشر أيـــــضـــــًا. غــــريــــب جــــــدًا»، لـــيـــرد عــلــيــهــا املسعودي بــتــغــريــدة: «وصـــلـــت إلى قناعة أن بيت الشعر الـــــعـــــربـــــي لــــــن يرتفع إال عــــــلــــــى أعـــــمـــــدتـــــه الحقيقية». وتضيف سعدية في تغريدة أخرى: «وكل من كتب الشعر وفقًا للتفعيلة تعتبره من الخوارج؟ طبعًا أكيد أنت حر في رأيك وقناعاتك، ولكن ليس بإقصاء اآلخر هكذا! هذا ما استغربته تحديدًا!»، ليرد عليها املسعودي بقوله: «لم أقص أحــــدًا.. خــــوارج الـشـعـر هــم الــرافــضــون لعمود الشعر العربي.. الذين يتعاملون معه على أنه صنم يجب تحطيمه بقصيدة حرة». وقـال أستاذ البالغة والنقد في جامعة أم القرى الدكتور سعود الصاعدي لـ «عكاظ»: «فيما يخص الــجــدل الـنـقـدي حــول الشكل الــــعــــمــــودي فــــي الـــشـــعـــر أو الـــشـــكـــل الرأسي «التفعيلة» ال أرى ما يبرر إخــراج التفعيلة من جنس الشعر االصـطـالحـي، لتحقق الـشـرط املوسيقي وهذا الشرط منذ القدم من ركائز الشعر، وما تم الحقا على الشعر العمودي كان بقصد التنويع املوسيقي وإعـــــــــادة تـــرتـــيـــب وتــشــكــيــل الـــفـــضـــاء الشعري مـــن حــيــث اإليــــقــــاع، وال عــالقــة لــهــذا بالرؤية واملضمون لتعلقه باإلطار الوزني فحسب». وأضاف تعليقًا على املوضوع: «إذا دخلنا في املمارسة الشعرية من قبل الشعراء سنجد من أجــاد فـي النوعن ومــن أســاء للنوعن من خالل ممارسته، ولهذا يصعب إطالق حكم نقدي على الشعراء إال إذا تم تخصيصهم ومحاكمة الشعر املطروح للنقاش نقديا، وعلى هذا األساس يـمـكـن الــقــول إن املــمــارســة الــشــعــريــة فــي الــفــضــاء التفعيلي ال تعد نضجا، إال بعد أن تكون الحقة فـي التجربة للشكل العمودي، وهــذا هو حـال السياق الشعري نفسه الــذي اتسع فضاؤه اإليقاعي بعد أن تراكمت التجربة على مستوى الشكل العمودي، فنتجت عند ذلك ضرورة االتساع للتنويع والقدرة عـلـى الـتـعـبـيـر عــن الــــرؤى الــجــديــدة مــع اسـتـثـمـار التقنيات الفنية التي صارت ضمن أدوات الشعر خصوصا بعد تداخل األجناس الفنية واستثمارها في النص الشعري». وأوضح أنه كما حدث للشكل العمودي الذي بلغ ذروته، بدا الشكل التفعيلي بعد ارتياد الشعراء له بوفرة جعلته يطرق أحيانا من باب السهولة والتعبير الجاهز، حتى صار مركبا لكل شاعر، وفضاء ال لفتح آفاق الرؤية الشعرية والتقنيات، وإنــمــا صــار بــابــا مـفـتـوحـا لـلـشـكـل، مــا جـعـل شـعـر التفعيلة يتراجع عن ذي قبل ويتقهقر فيما يخص املستوى الفني، مشيرًا إلى أن الشعر الـعـمـودي فـي يقظة جـديـدة على أيـــدي شــعــراء أفــــادوا مــن مرونة الـــشـــكـــل الــتــفــعــيــلــي واستطاعوا إعــــــــادة الــــوهــــج مــــن جديد للشكل العمودي. وتـــــــابـــــــع: «بــــــنــــــاء على هــــذا الـــتـــصـــور أرى أن الـــــــعـــــــودة إلــــــــى الشعر الــعــمــودي وفــقــا لــهــذا الــحــس الــفــنــي تــعــد عـــودة تجديدية وليست تقليدية، وهي عودة بالشعر مرة أخرى إلى منابعه األولـــى بعد تــراكــم املــمــارســات الـشـعـريـة، وتـلـك هــي طريقة نازك املالئكة حن نظرت لشعر التفعيلة، إذ عادت به إلى األشـكـال الفطرية األولــى إلثـبـات شرعيته قبل شعريته، وهكذا يمكن اعتبار الـعـودة إلى الشكل العمودي أو اإلحساس بجمالياته وأصالتها هـي مـن قبيل رفــض التراكم الـشـعـري، وتخليص الشعر مــرة أخرى من كدر التجارب واملمارسات، والعودة به إلى براء ته األولى ومنبعه األول». وقـــــال الـــنـــاقـــد والـــشـــاعـــر مــشــعــل الفوازي لـ «عكاظ»: «اإلعالمي علي املسعودي شخصية راقــيــة ومحترمة ومـحـط ثقة فــي الــوســط الشعري، لــكــن رؤيــتــه هــنــا كــأنــهــا مــجــرد مـانـشـيـت صحفي ليس مـن الــضــرورة أن يعني مـا يـقـول، واملثقف الـــشـــمـــولـــي كـــاملـــســـعـــودي يـــفـــتـــرض أن ينادي بــالــتــعــدديــة األدبـــيـــة، ويــســاهــم فـــي توجيه عجالتها للمسارات الصحيحة، بــدال من املــنــاداة بقمع تـوجـه شـعـري ملـجـرد أنــه ال يروق له، ربما ملوقف عابر، أو قراءة لنص دون املـسـتـوى، أو فهم شخصي يجب أال تبنى عليه مواقف وقرارات، ثم أن املطالبة الصريحة باالنحياز لخط شعري معن، وإقصاء من يخرج عنه ما هي إال تكريس للشللية وتدوير لها بطرق جديدة». وأضــــاف أنـــه بـعـد مـرحـلـة املــســابــقــات الـشـعـريـة والقنوات الـشـعـبـيـة، ومـــا شـكـلـتـه مــن فـهـم مـعـن لـلـقـصـيـدة أصبح الــنــص الـتـقـلـيـدي هــو الــســائــد، وكـــل التجارب الـشـعـريـة الجميلة الــتــي تشكلت مداركها وتــفــاصــيــلــهــا الـــشـــعـــريـــة، وخـــــــالل هذه املرحلة لم تخرج عن هـذا الخط أصال، ما يعني أن النص التجديدي ال يشكل اآلن أي مزاحمة للتقليدية في عصرها الـفـضـائـي واملـــالـــي، فــضــال عــن أن يكون خطرًا عليها، وبالتالي تبدو الدعوة لقفل املنابر ومـسـارب الـضـوء فـي وجـه هـذا النص واالســتــعــداء عليه أشـبـه بــالــصــراخ فــي فالة قــائــظــة لــلــتــحــذيــر مـــن فيضان محتمل، ال سيما أن «خوارج الــــــشــــــعــــــر» تـــــــبـــــــدو صــــــادمــــــة وعنيفة، وربــمــا تـعـود إلى الــحــس الــصــحــفــي لدى املـــــــســـــــعـــــــودي بغية تحريك املياه الراكدة، «ال أظــــنــــه متحمس للدفاع عنها بلفظها ومدلوالتها».