الواليات املتحدة واالحتاد اخلليجي
يلتقي في عاصمة اململكة العربية السعودية رؤساء أكثر من 50 دولـة عربية وإسالمية باإلضافة إلى رئـيـس الــواليــات املـتـحـدة األمـريـكـيـة، وتــأتــي هذه الـقـمـة لـلـتـأكـيـد عـلـى الــعــالقــات املـتـمـيـزة بــني الـــواليـــات املتحدة األمريكية ودول الخليج بشكل عام واململكة بشكل خاص، وعلى دول الخليج استثمار هذه العالقات املتميزة اقتصاديا ومعرفيا وتكنولوجيا واالستفادة من هذه املناسبة في توطيد العالقات االقتصادية للتسريع من تنويع مصادر الثروة والدخل استعدادا ملرحلة ما بعد النفط. ولو جاز لي االقتراح القترحت على قيادة دول الخليج والدول العربية واإلســالمــيــة الـحـاضـريـن االجـتـمـاع أن يــوحــدوا طلبهم االقتصادي في توطني جزء من الصناعات العسكرية التي تمثل جــزءا كبيرا مـن ميزانيات دول الخليج وبعض الــدول العربية واإلسالمية املستوردة من الدول الصناعية الكبرى وعلى رأسها الـــواليـــات املــتــحــدة األمــريــكــيــة وبــريــطــانــيــا وفــرنــســا، وحــيــث إن اللقاء بحضور رئيس أكبر دولـة في العالم من حيث االقتصاد والصناعات العسكرية الدفاعية والهجومية، ومن حيث اإلنفاق على البحث العلمي في تطوير الصناعات، فإن الفرصة مناسبة للتقدم بمشروع مشترك مع مشروع اململكة الــذي أعلن عنه في األســبــوع املــاضــي بـإنـشـاء شـركــة وطـنـيـة لـلـصـنـاعـات العسكرية لتوطني جزء من اإلنفاق العسكري لتوطني نسبة %50 من إجمالي اإلنـفـاق الحكومي العسكري وليكن فـي صناعة قطع الغيار أو بعض أجزاء ومكونات اآلليات واألجهزة العسكرية. وتحقق هذا يتطلب نقل التقنية املعتمدة على األبحاث العلمية الدقيقة، ونقل التقنية يتطلب اتفاقية على املـسـتـوى السياسي واالقتصادي والــســيــاســي والــعــســكــري بـــني الــــقــــادة واتـــفـــاقـــيـــات بـــني شركات تصنيع الــســالح والـشـركـة الوطنية الـجـديـدة لتصنيع السالح، وليكن املطلب قويًا ومقبوال أقترح أن تكون االتفاقية جماعية لدول الخليج ثم تتاح الفرصة لدول أخرى للدخول فيها حسب اإلمكانات. إن حجم اإلنفاق العسكري السعودي ال يستفيد منه سـوق اململكة سـوى نسبة %2 ولـزيـادة هـذه النسبة إلـى %50 من إجمالي اإلنفاق سيكون له األثر الكبير في زيادة الناتج املحلي وخلق فرص عمل كبيرة. إن الــقــدرة عـلـى تحقيق األهــــداف الـتـي وضـعـهـا الـرئـيـس ترمب سواء في استعادة دور أمريكا، أو هزيمة داعش أو احتواء إيران، أو لتعزيز السالم، أو لتعزيز االستثمارات والتجارة واالزدهار، لــن تتحقق إال بـاملـمـلـكـة الـعـربـيـة الــســعــوديــة وهـــي مـفـتـاح هذه القضايا. كما أن الزيارة تمثل رسالة واضحة للعالم بأنه يمكن للواليات املـتـحـدة والـــدول العربية واإلســالمــيــة تكوين شــراكــة تــؤدي إلى تعزيز التعاون بني الواليات املتحدة والدول العربية واإلسالمية في مكافحة اإلرهاب والتطرف. وقد حان الوقت على دول الخليج للتحول من برامج «التعاون» من خـالل مجلس التعاون إلـى العمل املشترك من خـالل مشروع «اتحاد» دول الخليج، وذلك كردة فعل ملا يجري في دول املنطقة، وأن دول الـخـلـيـج الــســت لــم تستعد ملـثـل تـلـك الــدعــوة، ولــم تكن جاهزة عندما نادى بها امللك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله، وكـــان عـلـى رأس أهـــداف هــذه الــدعــوة مـحـاولـة تحقيق الوحدة النقدية، وتنفيذ بنود االتحاد الجمركي رغم أن بعضها بادرت باملوافقة ووضـعـت خطة تقود إلــى تحقيق هــذا االتــحــاد، إال أن الــظــروف اإلقـلـيـمـيـة والــدولــيــة لــم تمكن دول الـخـلـيـج آنــــذاك من تحقيق الـهـدف، واكتشفنا أن القطاع الـخـاص لـم يتجاوز دوره سوى تنفيذ التشريعات، بل كان دوره خالل الفترة املاضية بعيدا كـل البعد عـن دور املـشـارك فـي صياغة التشريعات التي تتعلق بالتنمية االقــتــصــاديــة والــتــي تــقــود إلـــى الـتـكـامـل االقتصادي. وفي تغييب دور القطاع الخاص تأخر تحقيق قرار التحول إلى االتحاد الخليجي، ألن التكامل مطلوب وأساسي بني القطاعني الخاص والعام في كل دولة من دول املجلس. لذلك نجد أن التجارة البينية في دول الخليج هي أقل حتى من التجارة العربية البينية بني الدول العربية عام ،2010 تصل النسبة إلى 8.3 % بني الدول العربية، بينما تنخفض النسبة بني دول الخليج إلى 6 %، وإن كانت التجارة البينية ارتفعت من 60 مليار دوالر عـام ،2010 إلى 146 مليار دوالر عام ،2014 نصيب السعودية منها 74.7 مليار دوالر، بينما نجد النسبة بني دول اآلسيان تصل إلى 25.5 % ولكنها ترتفع بشكل كبير بـني دول االتـحـاد األوروبـــي تصل إلى 67.4 .% وتعتبر املصالح االقـتـصـاديـة أقــوى صيغة يمكن أن تـقـود إلى االتـــحـــاد الــخــلــيــجــي، فــاملــشــاركــة فــي صــيــاغــة الــتــشــريــعــات التي تتعلق بالتنمية االقتصادية بجانب الشراكة الكاملة مع القطاع الحكومي يذيب الفوارق بني القطاعني وهي طريق للقضاء على الفساد في القطاع الحكومي. ولـــكـــن يــحــتــاج الــقــطــاع الـــخـــاص مــمــثــال فـــي الـــغـــرف التجارية الخليجية إلـى منحه صالحيات كاملة ملراجعة برامج التنمية االقتصادية لتطوير هذا القطاع إلى شراكة كاملة بني القطاعني العام والخاص، وهذه الصالحيات تفوض القطاع الخاص بإدارة ثــــروات دول الـخـلـيـج الــتــي يـمـكـن أن تــواجــه مـمـانـعـة مــن بعض الجهات الرسمية. * كاتب اقتصادي سعودي