Okaz

أمن إقليمي موحد.. وشرق أوسط بال إرهاب

- فهيم الحامد (جدة)

تمثل وثيقة الرؤية اإلستراتيج­ية السعودية - األمريكية املشتركة التي وقعها خــادم الحرمني الشريفني امللك سلمان بن عبدالعزيز والرئيس األمريكي دونالد ترمب، أمـس األول في قصر اليمامة بالرياض، نقطة تحول حقيقية في الشراكة الجيوسترات­يجية والسياسية بني الرياض وواشـنـطـن؛ إذ تـدشـن لعالقات أمنية إقليمية بـهـدف اجتثاث اإلرهاب الظالمي والطائفي. وتعتبر هذه الوثيقة «خريطة طريق» طويلة املدى، ليس فقط لتعزيز الشراكة في جميع امليادين السياسية واالقتصادي­ة والـتـجـار­يـة والعسكرية واألمـنـيـ­ة بـني البلدين، فحسب، بـل ولتحصني املنطقة العربية، وإطالق مبادرات جديدة ملكافحة التطرف واإلرهاب الذي يهدد السالم في الشرق األوسط، وااللتزام بالسالم العادل والشامل. وبـحـسـب نــص إعـــالن الــرؤيــة اإلسـتـرات­ـيـجـيـة، فـــإن الــريــاض وواشنطن ستكرسان جهودهما لتعزيز شراكتهما اإلستراتيج­ية للقرن الواحد والعشرين، ورسم مسار مجدد نحو شرق أوسط ينعم بالسالم؛ ألنه من دون سالم لن يكون هناك أمن ولن تكون هناك تنمية اقتصادية، ودعم العمل الدبلوماسي إلحالل السلم اإلقليمي والعاملي. ومن املؤكد أن حقبة ترمب ستشهد مزيدا من العمل الجاد وتطلق حقبة جديدة من الشراكة اإلستراتيج­ية املبنية على الثقة املستمرة بني البلدين وتعزيزا ملصالحهما املشتركة. الوثيقة رسمت أيضا خريطة لطبيعة املشاورات املستقبلية بني البلدين، والتخطيط املــدروس لتشكيل مجموعة إستراتيجية تشاورية مشتركة يستضيفها خـادم الحرمني الشريفني ورئيس الواليات املتحدة، أو من ينوب عن كل منهما من املسؤولني املالئمني، لرسم مسار آفــاق جديدة لهذه الشراكة اإلستراتيج­ية. وستجتمع املجموعة مرة واحدة على األقل في السنة، بالتناوب بني البلدين، ملراجعة مجاالت التعاون. كما ركزت الوثيقة على نقطة محورية مهمة عندما أكدت حرص البلدين على التصدي لتهديدات مصالح أمنهما املشتركة، وهو ما يعكس تعزيز الــشــراك­ــات فــي الـجـوانـب األمـنـيـة واالسـتـخـ­بـاراتـيـة الـتـي تعتبر العمود الفقري في منظومة العالقات. كما تضمنت الوثيقة اإلستراتيج­ية سعي السعودية والواليات املتحدة إلطــــالق مـــبـــاد­رات جــديــدة ملـكـافـحـ­ة خــطــاب الــتــطــ­رف، وتـعـطـيـل تمويل اإلرهـــاب، وتعزيز التعاون الـدفـاعـي، مـؤكـدة أن مـن ينتهجون التطرف العنيف ويهددون السالم في الشرق األوسط سيجدون عددا متزايدا من الشركاء اإلقليميني وقد اصطفوا ضدهم يتصدون لعدوانهم ويزرعون بـــذور الــســالم؛ وهـــذا يعني تـطـابـقـا فــي وجــهــات الـنـظـر حــيــال ضرورة مكافحة اإلرهــاب وتعزيز السالم وإيجاد شرق أوسـط خال من اإلرهاب الطائفي والظالمي. وفــي فـقـرة مـحـوريـة، شــددت الوثيقة على ضـــرورة إيـجـاد هيكل أمني إقليمي موحد وقــوي باعتباره أمــرا بالغ الــضــرور­ة لتكريس التعاون بني البلدين وتوسيع رقعته مع بلدان أخــرى في املنطقة خـالل األعوام القادمة. ومــن املـؤكـد أن زيــارة الرئيس ترمب وضعت القواعد الراسخة لشراكة إستراتيجية طويلة املدى مبنية على الثقة والتعاون واملصالح املشتركة والــتــصـ­ـدي لـــأعـــد­اء املــشــتـ­ـركــني ورســــم مــســار نــحــو الـــســـا­لم واالزدهـــ­ـــار للجميع. وفضال عن توقيع الرؤية اإلستراتيج­ية املشتركة بني البلدين، وقعت اتفاقيات بينهما بمليارات الــدوالرا­ت، ستوفر مئات آالف الوظائف في البلدين. «العزم يجمعنا» أفق جديد للمنطقة العربية واإلسالمية سيغير وجهها خصوصا أن «هناك نية لدى اإلدارة األمريكية الجديدة بانتهاج مسار سياسي يختلف عن املسار السابق ألوباما الذي اتسم بالتردد في الخيارات السياسية واألمنية تجاه أزمات املنطقة»، إضافة إلى وجود قناعة أمريكية حقيقية بالدور الريادي الذي تلعبه اململكة العربية السعودية في املنطقة. مشاركة ترمب في ثالث قمم غاية في األهمية على املستوى اإلستراتيج­ي أسست ملرحلة جديدة من التعاون السعودي األمريكي والعربي اإلسالمي األمريكي، ونتوقع أن تكون املرحلة القادمة حافلة باإلنجاز املـؤدي إلى استقرار املنطقة وإنهاء اإلرهـاب الظالمي والطائفي. ومن هنا، فقد بات مؤكدا أن ما بعد «السعودية أوال» في أول جولة خارجية لترمب ليس كما كان قبله، وهو ما سوف تكشفه األيام أو األسابيع القلية القادمة.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia